كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

شيخ البُخَارِيّ فِيهِ وَكَذَلِكَ عِنْد بن مَاجَهْ وَأَبِي عَوَانَةَ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ طَلْحَةُ فَقَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ وَهُزَيْلٌ هَذَا بِالزَّايِ مُصَغَّرٌ أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَمِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْحَدِيثِ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِتَخْصِيصِ السُّؤَالِ بِالْوَصِيَّةِ بِالْخِلَافَةِ وَنَحْوِ ذَلِك لَا مُطلق الْوَصِيَّة قلت أخرج بن حبَان الحَدِيث من طَرِيق بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِلَفْظٍ يُزِيلُ الاشكال فَقَالَ سُئِلَ بن أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَرَكَ شَيْئًا يُوصِي فِيهِ قِيلَ فَكَيْفَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوصِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتِبْعَادُ طَلْحَةَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فَلَوْ أَرَادَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَخَصَّهُ بِهِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا فَكَيْفَ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَابَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ قَالَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ بن أَبِي أَوْفَى وَطَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ كَانَا يَعْتَقِدَانِ أَن الْوَصِيَّة وَاجِبَة كَذَا قَالَ وَقَول بن أَبِي أَوْفَى أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَأَمَّا مَا صَحَّ فِي مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ لَا يَبْقَيَنَّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ وَفِي لَفْظٍ أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَوْلُهُ أَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الثَّالِثَةَ وَكَذَا مَا ثَبَتَ فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُمْكِنُ حصرها بالتتبع فَالظَّاهِر أَن بن أَبِي أَوْفَى لَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ وَأَهَمَّ وَلِأَنَّ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ إِمَّا بِطَرِيقِ النَّصِّ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ فَإِذَا اتَّبَعَ النَّاسُ مَا فِي الْكِتَابِ عَمِلُوا بِكُلِّ مَا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ الْآيَةَ أَوْ يَكُونُ لَمْ يَحْضُرْ شَيْئًا مِنَ الْوَصَايَا الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهَا حَالَ قَوْلِهِ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِالنَّفْيِ الْوَصِيَّةَ بِالْخِلَافَةِ أَوْ بِالْمَالِ وَسَاغَ إِطْلَاقُ النَّفْيِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَبِقَرِينَةِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ الْمُتَبَادر عرفا وَقد صَحَّ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يوص أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنهُ مَعَ أَن بن عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بِثَلَاثٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ أَمَرَ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ مَا قَالَ وَتَكَلَّفُهُ ثُمَّ قَالَ أَوِ الْمَنْفِيُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ أَوِ الْإِمَامَةُ وَالْمُثْبَتُ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ انْتَهَى وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ

[2741] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ هُوَ النَّيْسَابُورِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَزُرَارَةُ بِضَمِّ الزَّايِ وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ زُرَارَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ بَغْدَادِيٌّ وَلَمْ يُخَرِّجْ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ شَيْئًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ بَدَلَ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زُرَارَةَ يَعْنِي الرَّقِّيَّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ لَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ زُرَارَةَ الثَّغْرِيَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْكَلَابَاذِيُّ وَلَا الْحَاكِمُ قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخعِيّ وَالْأسود هُوَ بن يَزِيدَ خَالُهُ قَوْلُهُ ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ وَصِيًّا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَتْ الشِّيعَةُ قَدْ وَضَعُوا أَحَادِيثَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ لِعَلِيٍّ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ فَمِنْ ذَلِكَ مَا اسْتَدَلَّتْ بِهِ عَائِشَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا بَعْدَ أَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ من الصَّحَابَة يَوْم

الصفحة 361