كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

الْمَسْأَلَةَ الْأُخْرَى مَوْرِدَ الِاسْتِفْهَامِ لِذَلِكَ أَيْضًا وَتَضَمَّنَتِ التَّرْجَمَةُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقَارِبِ وَقَدِ اسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا إِلَى مَسَائِلِ الْوَقْفِ فَتَرْجَمَ لِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ أَخِيرًا إِلَى تَكْمِلَةِ كِتَابِ الْوَصَايَا وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ جَازَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَعَاقِلٍ وَمَجْنُونٍ وَمَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا وَلَا قَاتِلًا وَالْوَقْفُ مَنْعُ بَيْعِ الرَّقَبَةِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَقَارِبِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقَرَابَةُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ وَلَكِنْ يُبْدَأُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ قَبْلَ الْأُمِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ جَمَعَهُمْ أَبٌ مُنْذُ الْهِجْرَةِ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ زَادَ زُفَرُ وَيُقَدَّمُ مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَأَقَلُّ مَنْ يَدْفَعُ إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ اثْنَانِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَاحِدٌ وَلَا يُصْرَفُ لِلْأَغْنِيَاءِ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَ ذَلِكَ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ الْقَرِيبُ مَنِ اجْتَمَعَ فِي النَّسَبِ سَوَاءٌ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ مُحَرَّمًا أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالُوا إِنْ وُجِدَ جَمْعٌ مَحْصُورُونَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ اسْتُوْعِبُوا وَقِيلَ يُقْتَصَرُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْبُطْلَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا بِالْجَوَازِ وَيُصْرَفُ مِنْهُمْ لِثَلَاثَةٍ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْقَرَابَةِ كَالشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَافِرَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ الْقَرَابَةُ كُلُّ مَنْ جَمَعَهُ وَالْمُوصِي الْأَبُ الرَّابِعُ إِلَى مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَرِثُهُ أَوْ لَا وَيَبْدَأُ بِفُقَرَائِهِمْ حَتَّى يَغْنَوْا ثُمَّ يُعْطِي الْأَغْنِيَاءَ وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ سِوَى اشْتِرَاطِ ثَلَاثَةٍ فَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِاثْنَيْنِ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ اجْعَلْهُ لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَسَأَذْكُرُ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ بَعْدَ أَبْوَابٍ قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمثنى وثمامة هُوَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ أَنَسِيُّونَ بَصْرِيُّونَ وَقَدْ سَمِعَ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْأَنْصَارِيِّ هَذَا كَثِيرًا قَوْلُهُ بِمِثْلِ حَدِيثِ ثَابِتٍ قَالَ اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ قَالَ أَنَسٌ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَذَا اخْتَصَرَهُ هُنَا وَقَدْ وَصَلَهُ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ مُخْتَصَرًا أَيْضا عقب رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ فَذَكَرَ هَذَا الْإِسْنَادَ قَالَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيٍّ وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِي مِنْهَا شَيْئًا وَسَقَطَ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَقَدْ أخرجه بن خُزَيْمَة والطَّحَاوِي جَمِيعًا عَن بن مَرْزُوقٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَنْصَارِيِّ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ لَمَّا نَزَلَتْ لَنْ تنالوا الْبر الْآيَةَ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَائِطِي لِلَّهِ فَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ فَقَالَ اجْعَلْهُ فِي قَرَابَتِكَ وَفُقَرَاءِ أَهْلِكَ قَالَ أَنَسٌ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَلِأُبَيٍّ وَلَمْ يَجْعَلْ لِي مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي لَفْظُ أَبِي نُعَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ كَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ أَرْضٌ فَجَعَلَهَا لِلَّهِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيٍّ وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ فَقَالَ حَائِطِي بِكَذَا وَكَذَا وَقَالَ فِيهِ فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِكَ قَالَ فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَاعِقَةَ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ فَذَكَرَ فِيهِ لِلْأَنْصَارِيِّ شَيْخًا آخَرَ فَقَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا نزلت لن تنالوا الْبر الْآيَةَ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا قَالَ

الصفحة 380