كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

سَمَّاهُ عبد الرَّزَّاق فِي رِوَايَته عَن بن جُرَيْجٍ عَنْهُ وَهُوَ مَكِّيٌّ أَصْلُهُ مِنْ الْبَصْرَةِ وَوهم الطرقي فِي زَعمه أَنه بن حَكِيمٍ وَلَيْسَ لِيَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ مَا بَيْنَ مَكِّيٍّ وَبَصْرِيٍّ قَوْلُهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ وَبَنُو سَاعِدَةَ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ شَهِيرٌ قَوْلُهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا هِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ وَقِيلَ سَعْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو أنصارية خزرجية ذكر بن سَعْدٍ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ وَمَاتَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَابْنُهَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ قَالَا فَلَمَّا رَجَعُوا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَى قَبْرِهَا وَعَلَى هَذَا فَهَذَا الحَدِيث مُرْسل صَحَابِيّ لِأَن بن عَبَّاسٍ كَانَ حِينَئِذٍ مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّةَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ قَوْلُهُ الْمِخْرَافَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ فَاءٌ أَيِ الْمَكَانَ الْمُثْمِرَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا يَخْرُفُ مِنْهُ أَيْ يَجْنِي مِنَ الثَّمَرَةِ تَقُولُ شَجَرَةٌ مِخْرَافٌ وَمِثْمَارٌ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمِخْرَفَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُوَ اسْمُ الْحَائِطِ الْمَذْكُور والحائط الْبُسْتَان

(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ بَعْضَ مَالِهِ أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ أَوْ دَوَابِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِجَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ وَالْمُخَالِفُ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا جَوَازُ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَالْمُخَالِفُ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَكِنْ خَصَّ الْمَنْعَ بِمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ وَاحْتَجَّ لَهُ الْجُورِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَهُوَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إِفْرَازٌ فَلَا مَحْذُورَ وَوَجْهُ كَوْنِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَقْفُ الْمُشَاعِ وَوَقْفُ الْمَنْقُولِ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ أَوْ دَوَابِّهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا إِذَا وَقَفَ جُزْءًا مِنَ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ أَوْ وَقَفَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ أَوْ فَرَسَيْهِ مَثَلًا فَيَصِحُّ كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ وَقْفَ الْمَنْقُولِ وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي التَّعْيِينِ

[2757] قَوْلُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَخْ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِطُولِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مَعَ اسْتِيفَاءِ شَرْحِهِ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَمْرِهِ بِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَالِهِ وَإِمْسَاكِ بَعْضِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَقْسُومًا أَوْ مُشَاعًا فَيَحْتَاجُ مَنْ منع وقف الْمشَاع إِلَى دَلِيلِ الْمَنْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ على كَرَاهَة التَّصَدُّق بِجَمِيعِ المَال وقدتقدم الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 386