كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تُوُفِّيَ فُجَاءَةً)
بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِالْجِيمِ الْخَفِيفَةِ وَالْمَدِّ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْفَاءِ وَسُكُونُ الْجِيمِ بِغَيْرِ مَدٍّ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ وَقَضَاءُ النُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ إِنَّ أُمِّي افتلتت نَفسهَا وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ وَكَأَنَّهُ رَمَزَ إِلَى أَنَّ الْمُهِمَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هُوَ سَعْدُ بن عبَادَة وَقد تقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ

[2760] قَوْلِهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ عَنِ النَّذْرِ وَعَنِ الصَّدَقَةِ عَنْهَا وَبَيَّنَ النَّسَائِيّ من وَجه آخر جِهَة الصَّدَقَةَ الْمَذْكُورَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمسيب عَن سعد بْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْهُ بِإِسْنَادِ الْحَدِيثِ الثَّانِي فِي هَذَا الْبَابِ لَكِنْ بِلَفْظِ إِنَّ سَعْدًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْتَفِعُ أُمِّي إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا وَقَدْ مَاتَتْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ اسْقِ الْمَاءَ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ مَالِكٍ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَةُ أُمِّ سَعْدٍ قَرِيبًا قَوْلُهُ افْتُلِتَتْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَ الْفَاءِ السَّاكِنَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أُخِذَتْ فَلْتَةً أَيْ بَغْتَةً وَقَوْلُهُ نَفْسُهَا بِالضَّمِّ عَلَى الْأَشْهَرِ وَبِالْفَتْحِ أَيْضًا وَهُوَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الرُّوحُ قَوْلُهُ وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ بِضَمِّ هَمْزَةِ أُرَاهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ وَأَظُنُّهَا وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَن رِوَايَة بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ وَإِنَّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصْحِيفٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَمْ تَتَكَلَّمْ فَلَمْ تَتَصَدَّقْ لَكِنْ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ وَحَضَرت أمه الْوَفَاة بِالْمَدِينَةِ فَقيل لَهَا أَوْصِي فَقَالَتْ فِيمَ أُوصِي الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَإِنْ أَمْكَنَ تَأْوِيلُ رِوَايَةِ الْبَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَيْ بِالصَّدَقَةِ وَلَوْ تَكَلَّمَتْ لَتَصَدَّقَتْ أَيْ فَكَيْفَ أُمْضِي ذَلِكَ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ سَعْدًا مَا عَرَفَ بِمَا وَقَعَ مِنْهَا فَإِنَّ الَّذِي رَوَى هَذَا الْكَلَامَ فِي الْمُوَطَّأِ هُوَ سَعِيدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَوْ وَلَدُهُ شُرَحْبِيلُ مُرْسَلًا فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَمْ يَتَّحِدْ رَاوِي الْإِثْبَاتِ وَرَاوِي النَّفْيِ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْجَنَائِزِ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَلِبَعْضِهِمْ أَتَصَدَّقُ عَلَيْهَا أَوْ أَصْرِفُهُ عَلَى مَصْلَحَتِهَا

[2761] قَوْلُهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ كَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَتَابَعَهُ اللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ وَائِلٍ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيّ عَن عبيد

الصفحة 389