كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

الْمَالِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَهُ قَدِيمٌ وَأَثَلَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ قَالَ الشَّاعِرُ وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي وَاشْتِرَاطُ نَفْيِ التَّأَثُّلِ يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ حَقِيقَةُ الْأَكْلِ لَا الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ بِقَدْرِ الْعِمَالَةِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَزَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ حَمَّادٌ وَزَعَمَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُهْدِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ مِنْ صَدَقَةِ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ وَزَادَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ يَزِيدَ بن هَارُون عَن بن عَوْنٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَوْصَى بِهَا عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِلَى الْأَكَابِرِ مِنْ آلِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ آلِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا شَرَطَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ عَيَّنَ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ لِحَفْصَةَ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ قَالَ هَذِهِ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ أَخَذْتُهَا مِنْ كِتَابِهِ الَّذِي عِنْدَ آلِ عُمَرَ فَنَسَخْتُهَا حَرْفًا حَرْفًا هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَمْغٍ أَنَّهُ إِلَى حَفْصَةَ مَا عَاشَتْ تُنْفِقُ ثَمَرَهُ حَيْثُ أَرَاهَا اللَّهُ فَإِنْ تُوُفِّيَتْ فَإِلَى ذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا قُلْتُ فَذَكَرَ الشَّرْطَ كُلَّهُ نَحْوَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ قَالَ وَالْمِائَةُ وَسْقٍ الَّذِي أَطْعَمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا مَعَ ثَمْغٍ عَلَى سَنَنِهِ الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ وَلِيُّ ثَمْغٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ثَمَرِهِ رَقِيقًا يَعْمَلُونَ فِيهِ فَعَلَ وَكَتَبَ مُعَيْقِيبٌ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَكَذَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ نَحْوَ هَذَا وَذَكَرَا جَمِيعًا كِتَابًا آخَرَ نَحْوَ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَصِرْمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَالْعَبْدُ الَّذِي فِيهِ صَدَقَةٌ كَذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَتَبَ كِتَابَ وَقْفِهِ فِي خِلَافَتِهِ لِأَنَّ مُعَيْقِيبًا كَانَ كَاتِبَهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ وَقَدْ وَصَفَهُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَفَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ وَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَكَتَبَ حِينَئِذٍ الْكِتَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا اسْتِشَارَتُهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ وبن عبد الْبر من طَرِيق مَالك عَن بن شِهَابٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهَا فَهَذَا يُشْعِرُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزِ الْوَقْفَ إِلَّا عِنْدَ وَصِيَّتِهِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِ عُمَرَ هَذَا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي أَنَّ إِيقَافَ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَأَنَّ الَّذِي مَنَعَ عُمَرَ مِنَ الرُّجُوعِ كَوْنَهُ ذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ أَنْ يُفَارِقَهُ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ يُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه مُنْقَطع لِأَن بن شِهَابٍ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَدَّمْتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ يَرَى بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ إِلَّا إِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ مَعَ إِمْكَانِ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَانَ حُجَّةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْف وَهُوَ عِنْد الْمَالِكِيَّة وَبِه قَالَ بن سُرَيْجٍ وَقَالَ تَعُودُ مَنَافِعُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَيْهِ ثُمَّ إِلَى وَرَثَتِهِ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ مَآلًا صَحَّ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَصْلٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ قَالَ أَحْمد حَدثنَا حَمَّاد هُوَ بن خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ أَوَّلُ صَدَقَةٍ أَيْ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ سَأَلْنَا عَنْ أَوَّلِ حَبْسٍ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ صَدَقَةُ عُمَرَ وَقَالَ الْأَنْصَارُ صَدَقَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ أَرَاضِي مُخَيْرِيقٍ بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ الَّتِي أَوْصَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي جَوَازِ وَقْفِ الْأَرَضِينَ وَجَاءَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْحَبْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة

الصفحة 402