كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 5)

إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَصًّا وَقَوْلُهُ وَالْقَرْضُ هُوَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَوْ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي آخَرِينَ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَالْوَدِيعَةُ هُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ أَدْخَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إِمَّا لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ وَإِمَّا لِأَنَّهُ وَارِدٌ فِي الْبَيْعِ وَالْآخَرَانِ أَوْلَى لِأَنَّ مِلْكَ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْتَقِلْ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى وَفَاءِ مَنِ اصْطَنَعَ بِالْقَرْضِ مَعْرُوفًا مَطْلُوبٌ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ أَمَّا قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ فَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَمَحَلُّهُ مَا إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا سَائِرُ تَبَرُّعَاتِهِ وَأَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا لَا يَنْفُذَانِ أَيْضًا إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْهُ الْبَيْعُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوقَفُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي إِقْرَارِهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى قَبُولِهِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِأَثَرِ الْحَسَنِ إِلَى مُعَارَضَةِ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بَيْعُ الْمَحْجُورِ وَابْتِيَاعُهُ جَائِزٌ قَوْلُهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَضَى عُثْمَان أَي بن عَفَّانَ إِلَخْ وَصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ أَفْلَسَ مَوْلًى لِأُمِّ حَبِيبَةَ فَاخْتُصِمَ فِيهِ إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ إِفْلَاسُهُ بَدَلَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ وَالْبَاقِي سَوَاء

[2402] قَوْله حَدثنَا زُهَيْر هُوَ بن مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَفِي هَذَا السَّنَدِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ هُوَ أَوَّلُهُمْ وَكُلُّهُمْ وَلِيَ الْقَضَاءَ وَكُلُّهُمْ سِوَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ قَوْلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ شَكٌّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ وَأَظُنُّهُ مِنْ زُهَيْرٍ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى مَعَ كَثْرَتِهِمْ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِالسَّمَاعِ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى أَصْلًا قَوْلُهُ مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِ الْمَالِ دُونَ غَيْرِهِ أَنْ يَجِدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ وَإِلَّا فَإِنْ تَغَيَّرَتِ الْعَيْنُ فِي ذَاتِهَا بِالنَّقْصِ مَثَلًا أَوْ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا فَهِيَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ بن أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِذَا وُجِدَ عِنْدَهُ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُفَرِّقْهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَالك عَن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ مُرْسَلًا أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الْبَائِعَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا كَانَ أُسْوَة الْغُرَمَاء وَبِه صرح بن شِهَابٍ فِيمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَالِكٍ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ مَالِكٍ إِرْسَالُهُ وَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وبن خُزَيْمَة وبن الْجَارُودِ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَحَدِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ قَضَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اقْتَضَى مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ لِاسْتِشْهَادِهِ بِأَثَرِ عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ صَحِيحًا وَبِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ مَنْ أَخَذَ بِعُمُومِ حَدِيثِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا هُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرِ السِّلْعَةِ أَوْ بَقَائِهَا وَلَا بَيْنَ قَبْضِ بَعْضِ ثَمَنِهَا أَوْ عَدَمِ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى التَّفَاصِيلِ الْمَشْرُوحَةِ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ قَوْلُهُ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْضًا قَوْلُهُ قَدْ أَفْلَسَ أَيْ تَبَيَّنَ إِفْلَاسُهُ قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَارِثًا وَغَرِيمًا وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَتَأَوَّلُوهُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ خَالَفَ الْأُصُولَ لِأَنَّ السِّلْعَةَ صَارَتْ بِالْبَيْعِ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَمِنْ ضَمَانِهِ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَائِعِ أَخْذَهَا مِنْهُ نَقْضٌ لِمِلْكِهِ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى صُورَةٍ وَهِيَ مَا إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ لُقَطَةً وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْفَلَسِ وَلَا

الصفحة 63