كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)
(قال يا موسى إني اصطفيتك) جملة مستأنفة والتي قبلها متضمنة لإكرام موسى واختصاصه بما اختصه الله به، والاصطفاء الاختيار والاجتباء أي اخترتك (على الناس) المعاصرين لك (برسالاتي) كأنه نظر إلى أن الرسالة هي على ضروب فجمع لاختلاف الأنواع وقرئ بالإفراد (وبكلامي) المراد به هنا التكليم، امتن الله سبحانه عليه بهذين النوعين العظيمين من أنواع الإكرام وهما الرسالة والتكليم من غير واسطة.
(فخذ ما آتيتك) أمره بأن يأخذ ما آتاه أي أعطاه من هذا الشرف الكريم والفضل الجسيم (وكن) أمره بأن يكون (من الشاكرين) على هذا العطاء العظيم والإكرام الجليل.
(وكتبنا له في الألواح من كل شيء) مما يحتاج إليه بنو إسرائيل في دينهم ودنياهم، وقال السدي: من كل شيء أمروا به ونهوا عنه، وعن مجاهد مثله.
وقد اختلف السلف في المكتوب في الألواح اختلافاً كثيراً، ولا مانع من حمل المكتوب على جميع ذلك لعدم التنافي، وهذه الألواح هي التوراة قيل كانت من زمردة خضراء، وقيل من ياقوتة حمراء، وقيل من زبرجدة خضراء وقيل من صخرة صماء، وقيل من خشب نزلت من السماء.
وقد اختلف في عدد الألواح وفي مقدار طولها وعرضها، والألواح جمع

الصفحة 14