كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)
(سأصرف عن آياتي الذين يتكبَّرون في الأرض) قيل معناه سأمنعهم فهم كتابي أي أنزع عنهم فهم القرآن، قاله سفيان بن عيينة، وقال السدي: عن أن يتفكروا في آياتي، وقال ابن جريج عن التفكر في خلق السموات والأرض والآيات التي فيهما، وقيل سأصرفهم عن الإيمان بها والتصديق بما فيها وقيل عن نفعها مجازاة على تكبرهم كما في قوله (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وقيل سأطبع على قلوبهم حتى لا يتفكروا فيها ولا يعتبروا بها.
واختلف في تفسير الآيات فقيل هي المعجزات التسع التي أعطاها الله لموسى. وقيل: الكتب المنزلة وقيل خلق العالم ولا مانع من حمل الآيات على جميع ذلك، وحمل الصرف على جميع المعاني المذكورة، والتكبر: إظهار كبر النفس على غيرها فهو صفة ذم في حق العباد أي يفتعلون الكبر ويرون أنهّم أفضل من غيرهم فلذلك قال (بغير الحق) أي يتكبرون بما ليس بحق أو متلبسين بغير الحق.
(وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) أي سأصرف عن آياتي المتكبرين التاركين للإيمان بما يرونه من الآيات ويدخل تحت كل آية الآيات المنزلة والآيات التكوينية والمعجزات أي لا يؤمنون بآية من الآيات كائنة ما كانت.
(وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً) معطوفة على ما قبلها داخلة

الصفحة 18