كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

هو إلا زيد (إلا فتنتك) التي تختبر بها من شئت وتمتحن بها من أردت، ولعله عليه السلام استفاد هذا من قوله سبحانه: (إنا قد فتنا قومك من بعدك) قال أبو العالية: بليَّتك وقال ابن عباس: مشيئتك (تضل بها) أي بهذه الفتنة (من تشاء) من عبادك (وتهدي) بها (من تشاء) منهم ومثله (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) قال الواحدي: وهذه الآية من الحجج الظاهرة على القدرية التي لا يبقى لهم معها عذر.
ثم رجع إلى الاستعطاف والدعاء فقال: (أنت ولينا) أي المتولي لأمورنا وهذا يفيد الحصر أي لا ناصر ولا حافظ إلا أنت (فاغفر لنا) ما أذنبناه (وارحمنا) برحمتك التي وسعت كل شيء (وأنت خير الغافرين) للذنوب.
(واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة) بتوفيقنا للأعمال الصالحة أو تفضل علينا بإفاضة النعم من الحياة الطيبة والعافية وسعة الرزق (و) اكتب لنا (في الآخرة) الجنة بما تجازينا به أو بما تتفضل به علينا من النعيم في الآخرة (إنا هدنا) تعليل لما قبلها من سؤال المغفرة والرحمة والحسنة في الدنيا وفي الآخرة أي إنا تبنا (إليك) ورجعنا عن الغواية التي وقعت من بني إسرائيل، والهود التوبة، وقد تقدم في البقرة وبه قال جميع المفسرين قيل وبه سميت اليهود، وكان اسم مدح قبل نسخ شريعتهم ثم صار اسم ذم وهو لازم لهم، وأصل الهود الرجوع برفق والمهادنة المصالحة قال عكرمة فكتب الرحمة يومئذ لهذه الأمة.
وقال أبو وجزة السعدي: وكان من أعلم الناس بالعربية: لا والله ما أعلمها في كلام العرب هدنا قيل فكيف؟ قال: هدنا بكسر الهاء يقول ملنا.
(قال عذابي أصيب به من أشاء) قيل المراد بالعذاب هنا الرجفة، وقيل

الصفحة 31