كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

دلالته على ذلك بعشرة وجوه ذكرت في محلها، وفسره النصارى في شأن المسيح وزعموا أنه هو الذي وعد به موسى لأنه تولد في دار يوسف بن يعقوب بن متان من زوجته مريم بنت عمران، وهذا التفسير بديهي البطلان إذ لو كان المراد به نبياً من بني إسرائيل لكان الأولى به يوشع بن نون أو أشمويل أو العزير أو داود أو سليمان أو أشعيا أو غيره من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام، ولكنه تعالى فرزه عن بني إسرائيل بقوله: " من إخوتكم " نظراً إلى أنهم نفس إسحق فتكون إخوتهم بنو إسمعيل بلا مناقشة.
وهذا حوار مطرد عند اليهود والعرب كما قال: " سيأتي المنقذ من صهيون ويخرج النفاق من يعقوب " أي من بني يعقوب إلى غير ذلك.
وإلا فأقول إن عيسى ابن مريم بن إسرائيل وإسرائيل أخ لنفسه ينتج أن عيسى بن مريم ابن أخ لنفسه، وليس الأمر كذلك أما الصغرى فلاعتراف النصارى بأن المسيح من أولاد داود ولا شك أن داود من أولاد إسرائيل وولد الولد ولد، وأما الكبرى فلما ظهر من هذا النص من أن أخ الإنسان عبارة عن نفسه.
وأجيب بمنع الصغرى لأن الأخوين لفظان متباينان لا يصدق أحدهما على مفهوم الآخر وإلا يلزم ترادف المتباينين وهو باطل، ولا يرد عليه مثل البيع لأن العمدة في اللغة السماع ولم ينقل عن أحد فيكون المنصوص عليه محمداً- صلى الله عليه وسلم - بلا مناقشة بدليل قوله: " فاسمعوا جميع ما يأمركم به " الخ لأن عيسى عليه السلام لم يأت في دعوته بقهر يجبر به القوم لأن دعوته كانت على سبيل الترغيب لا غير.
وإلا فليكن المسيح هو المنصوص عليه، وحينئذ أقول كل نصراني يسلم أو يتهود يجب عليه القتل وكل نصرانية تزني يجب عليها الرجم لقوله: (كل نفس) الخ لكن النصراني إذا ارتد والنصرانية إذا زنت لا يحدا، فالمسيح ليس بمنصوص عليه في هذا المقام، أما المقدم فلوضوح النص في قوله: (كل نفس

الصفحة 37