كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

لمن وقع منه الحرب لله ورسوله من قبل بناء مسجد الضرار (وليحلفن) جواب قسم مقدر أي والله (إن أردنا إلا الحسنى) أي ما أردنا ببنائه إلا الخصلة أو الإرادة الحسنى، وهي الرفق بالمسلمين والتوسطة على أهل الضعف والعجز عن الصلاة في مسجد قباء أو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المطر والحر، فرد الله عليهم بقوله (والله يشهد) أي يعلم (إنهم لكاذبون) فيما حلفوا عليه وقالوه.
عن ابن عباس قال: هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر الراهب والد حنظلة غسيل الملائكة ابنوا مسجدكم واستمدوا ما استطعتم من قوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجند من الروم فأخرج محمداً وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو بالبركة، فأنزل الله
(لا تقم فيه أبداً).
وعنه قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء خرج رجال من الأنصار فبنوا مسجد النفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بخدج ما أردت إلا ما أرى، قال: ما أردت إلا الحسنى وهو كاذب، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يعذره، فأنزل الله (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً) الآية.
ثم نهى الله سبحانه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار فقال (لا تقم فيه أبداً) أي في وقت من الأوقات، فأرسل رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) جماعة هدموه وأحرقوه وجعلوا مكانه كناسة تلقى فيه الجيف، والنهي عن القيام فيه يستلزم النهي عن الصلاة فيه، وقد يعبر عن الصلاة بالقيام، يقال فلان يقوم الليل أي يصلي، ومنه الحديث الصحيح " من قام

الصفحة 395