كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

وهذا في غاية اللطافة والعموم، وفي كتاب متى وكتاب أشعيا وفي المزامير أن تلك الحجرة التي رفض البناؤون صارت رأس الزاوية هذا هو عمل الرب وهو في أعيننا عجيب اهـ.
ولا شك أن هذا النص يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه من ولد إسماعيل وهو المرفوض قبل وجود موسى ورأس الزاوية هو ملتقى الخطين فيكون هو الخاتم لأن طرفي الخطين يذهبان إلا حيث ما يذهبان إليه، ولا حاجة لتعيين ابتدائها فيكون ملتقى الخطين هو منتهاهما وهذا هو محمد- صلى الله عليه وسلم - الذي ختم الله به فيلق رسله.
وقوله هذا هو عمل الرب الخ جواب سؤال مقدر تقديره هل يمكن أن تستقر الحجرة المرفوضة رأس الزاوية وهل يجوز أن يقوم من أولاد الجارية المصرية هاجر نبي، فيكون الجواب هذا هو عمل الرب الخ وسياقه في أشعياء قوله: " هذا ما يقول الرب الإله ها أنا ذا قد ألقيت في صهيون حجرة أساس الإبل زاوية وأساس محقق لا يخجل من يعتقد بها.
فقوله: " هذا " للتحضيض والترغيب في الاستماع، وما مفرد في معنى الكل ويقول في معنى القول، فيكون المعنى هذا كل قول الرب الإله وصفة الرب للتعظيم والتخويف، ها أنا ذا إلى قوله حجرة أساس الإضافة بمعنى اللام الإبل زاوية بدل من الأساس، وأساس محقق بدل من البدل، لا يخجل من يعتقد بها غاية إلقائها، فيكون معنى قول أشعياء إن هذا هو قول الرب فمن يعتقد به وينتظر وقوعه ويؤمن به لن يخجلن والمراد به نفس النص.
ومعنى قول متى أن تلك الحجرة يعني إسماعيل التي رفض البناؤون إبراهيم وسارة والجمع للحوار العبراني أو للتفخيم، والمضي في رفض لغبور الفعل فيه صارت للتأكيد رأساً للزاوية خاتماً للرسل.
ووجه المطابقة أن كلام أشعياء يدل على الإخبار، وكلام متى يدل على التحقيق، جعلني الله ممن يسلك سواء الطريق.

الصفحة 43