كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

ليس بمأمور أن يبرئ أو يعظ غير اليهود فكيف تكون نبوته عامة.
وأما استدلالهم بما ذكره في رومية فلا دلالة له أيضاً على الخصوصية لأن موضوع هذا الفصل ممانعة اليهود لليونانيين عن التنصر، فاستدل بولوس على جواز ذلك بإضافة الإختيار إلى المختار الحقيقي حيث قال: " فمن أنت أيها الإنسان حتى تجيب الله تعالى لعل الجبلة تقول لجابلها لم صنعتني هكذا أو لعل الفخار لا سلطان له على الطين حتى يعمل من كتلة واحدة إناء للكرامة وإناء للإهانة الخ.
فذكر ذلك استدلالاً على جواز اضطباع العوام استحساناً لأن الجواز غير الوجوب بخلاف نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قد أوجب عليه دعوة الثقلين وعليه الإجماع، ولو كانت علة مجيء عيسى دعوة العوام لما احتاج إلى الاستدلال فينتقض.
ويدل على محمد نفسه - صلى الله عليه وسلم - بالضرورة لأنه لم يكن من بني إسرائيل فلم يكن من شيعة الرب الخاصة ولما لم يكن من شيعته الخاصة فلم يكن له محبوباً فيكون الباري تعالى قد تبرع بارساله وهو أبلغ وأظهر للقدرة لأن اليهود كانوا يتفاخرون على العرب لما ورد في متى من سفر الخروج لأنهم من أولاد إسحاق وهو ابن سارة ومحمد صلى الله عليه وسلم من أولاد إسماعيل وهو ابن هاجر جارية سارة لكن الواجب تعالى رغم أنفهم به وصيره له محبوباً وشيعته له شيعة.
وإن لم يكن كذلك فنقول إن كان اليونانيون هم الذين رفضتهم سارة لما حكمت على إبراهيم عليه السلام أن يخرجهم إلى البر وطردتهم من بيتها لما حملت جاريتها المصرية هاجر من إبراهيم، فهذا النص صادق عليهم لكن اليونانيين ليسوا بالذين طردتهم سارة فلا يصدق عليهم النص. أما المقدم فلادعاء اليهود بأن بني إسماعيل ليسوا من شيعة الرب وهم المرفوضون، ولا وجه

الصفحة 45