كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

وإلا فأقول إن كان اليونانيون في زمان موسى جهالاً لا دخل لهم في شيء من العلوم بحيث إن اليهود كانوا يستحقرونهم بالنظر إلى جهالتهم فهذا النص صادق عليهم لكن اليونانيين في زمان موسى كانوا أعلم من اليهود في جميع الأحوال، فلا يكون هذا النص صادقاً عليم، أما المقدم فلأن النصارى يدعون ذلك وأما التالي فلأنه لا شك في أن اليونانيين كانوا أعلم من اليهود في جميع العلوم سيما الإلهيات إلا علم فقه اليهود وليس بشيء.
والدليل على ذلك ما حققه داود جانز في كتابه الذي سماه صحيح داود قوله: شرع سطريوس الحكيم في تعليم المساحة في مصر أيام مطيطوس أول ملوك بابل سنة 28 ومن تاريخ الخليقة ولاطينوس اللاطيني علم الطبيعيات وبحث عن كائنات الجو زمان سقزينس 15 من ملوك بابل سنة 2365 وأرقيلوس الحكيم اليوناني بحث عن حركات الأفلاك هو وولداه سردينوس وقرسيقوس عهد أمينوس 19 من ملوك بابل سنة 2475 وكانت ولادة موسى سنة 2368 ولم يزل اليونانيون يزدادون بسطة في الملك والعلم حتى ظهور رب الجنود- صلى الله عليه وسلم -، ومن الذين ظهروا أيام بني إسرائيل مرقورياس علم الموسيقى سنة 2626 ولوسيوس قيصراً بحث في حركة الشمس مع فيلقوس الحكيم سنة 2825 وكان فيلقوس فاضلاً مرتاضاً في علم النجوم وأبقراط أو بقراط الطبيب الحاذق وإبنه أوقليدس المهندس، وأفلاطون الحكيم بحثوا عن أكثر فنون الحكمة النظرية عهد مردخان واستير سنة 341 (¬1) واسكندر ابن قبلقوس أو داراب وأستاذه لقوما خشيوس بحثاً عن أكثر فنون الحكمة سنة 2442 أيام العزير عليه السلام إلى غير ذلك.
فعلى هذا يكون محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو المكنى عنه به وأمته المهدية هي المشار إليها.
¬_________
(¬1) قوله سنة 341 كذا بالأصل، وكذا جميع الأعداد في هذه الصحيفة هي كذلك في الأصل وحرر إهـ مصححه.

الصفحة 47