كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

تسكن المقابر وتأكل لحم الخنازير ومرق النجاسة في أوانيها.
فمن قوله أصبت قوله أنظري إلي، إشارة إلى انحراف الناموس إلى العرب واصطفائه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ومن قوله لأني إلى قوله ممتثلة لأهوائها إشارة إلى اليهود، ومن قوله وفئة إلى قوله في أوانيهم إشارة ظاهرة في حق النصارى.
إذا فهمت فاعلم أن هذا النص لا يمكن أن يستدل به على غير ما ذكرته لك لأنه هو موضوعه ولا يجوز الاستدلال بالتأويلات التضمينية أو الاستلزامية فيما لم تكن قرينتهما موجودة سيما إذا كانت قرينة المطابقة فيه ظاهرة، وفقني الله وإياك لاقتفاء سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وفي لوقا وأشعياء صوت صارخ في البرية أعدوا طرق الرب وهيئوا سبله فإن كل واد سيمتلئ وكل جبل وأكمة ستضع وتعتدل المعوجات وتلين الصعبات ويشاهد خلاص الله كل ذي جسد انتهى.
وهذا من أوضح البراهين الواردة في شأن محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد تغافل اليهود والنصارى عنه فأوله اليهود في شأن مسيحهم الموهوم، وأوله النصارى في حق إلههم المعلوم، والحق أنه لا يدل على ذلك.
أما إنه لا يدل على المسيح الموهوم فلأن سياقه في أشعياء قوله سلوا شيعتي سلوهم قال إلهكم سلوا أورشليم وقولوا لها إن تعبها قد تم وخطيئتها قد غفرت لأنه قد وقع عليها من يد الرب لخطيئتها ضعفان من العذاب، وهذا صوت صارخ يقول في الهدية هيئوا طريق الرب ووطئوا لأجل إلهنا في البادية سبيلاً مرتفعاً فإن كل واد سيرتفع، وكل جبل وأكمة ستتضع وسيعتدل المعوج وستلين الصعبات وسيظهر مجد الله ويشاهده كل ذي جسم لأن فم الله نطق

الصفحة 49