كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)
(فبدّل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم) يعني أمروا أن يقولوا حطة فقالوا حنطة في شعيرة فكان ذلك تبديلهم، وتغييرهم ودخلوا يزحفون على أستاههم وأدبارهم، وقد تقدم بيان ذلك في البقرة، لكن ألفاظ هذه الآية تخالف الآية المذكورة في سورة البقرة من وجوه ثمانية ذكرها الخطيب وقد أشرنا إليها فيما تقدم.
(فأرسلنا عليهم رجزاً من السماء) أي عذاباً كائناً منها وهو الطاعون ومات به منهم في وقت واحد سبعون ألفاً، وقال في البقرة (أنزلنا) ولا منافاة بينهما لأنهما لا يكونان إلا من أعلى إلى أسفل (بما كانوا يظلمون) أي بسبب ظلمهم، وقال في البقرة: (بما كانوا يفسقون) والجمع بينهما أنهم لما ظلموا أنفسهم بما غيروا وبدلوا فسقوا بذلك وخرجوا عن طاعة الله تعالى.
(و) اذكر إذ قيل لهم و (اسألهم عن القرية) هذا سؤال تقريع وتوبيخ، والمراد من سؤال القرية سؤال أهلها أي اسألهم عن هذا الحادث الذي حدث لهم فيها المخالف لما أمرهم الله به، والأولى عدم تقدير المضاف كما سيأتي تحقيقه في سورة يوسف إن شاء الله تعالى.
وفي ضمن هذا السؤال فائدة جليلة وهي تعريف اليهود بأن ذلك مما يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن اطلاعه عليه لا يكون إلا بإخبار له

الصفحة 58