كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

أقمأهم الله هكذا أذلاء مستضعفين معذبين بأيدي أهل الملل.
وهكذا هم في هذه الملة الإسلامية في كل قطر من أقطار الأرض في الذلّة المضروبة عليهم والعذاب والصغار يسلمون الجزية لحقن دمائهم ويمتهنهم المسلمون فيما فيه ذلة من الأعمال التي يتنزه عنها غيرهم من طوائف الكفار.
وعن ابن عباس قال: يسومهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمته سوء العذاب أي الجزية والخراج، وقيل هو بختنصر وسنحاريب وملوك الروم، وهذا نص في أن العذاب، إنما يحصل لهم مستمراً إلى يوم القيامة، ولهذا فسر هذا العذاب بالإهانة والذلة وأخذ الجزية منهم فإذا أفضوا إلى الآخرة كان عذابهم أشد وأعظم (¬1).
ثم علل ذلك بقوله: (إن ربك لسريع العقاب) لمن أقام على الكفر يعاجل به في الدنيا كما وقع لهؤلاء (وإنه لغفور رحيم) أي كثير الغفران والرحمة لمن آمن منهم ودخل في دين الإسلام.
¬_________
(¬1) عن سعيد بن جابر، قال: ولم يجب الخراج بنى قط إلا موسى، جباه ثلاث عشرة سنة، ثم أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال السدي: بعث الله عليهم العرب يأخذون منهم الجزية ويقتلونهم.

الصفحة 63