كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 5)

الأمهات وتطور الأطوار الواردة عليها من العلقة والمضغة واللحم والعظم، وهذا كله مما يوجب النسيان.
وكان علي بن أبي طالب يقول إني لأذكر العهد الذي عهد إليّ ربي، وكذا كان سهل بن عبد الله التستري يقول اهـ.
قلت: وكذا روي عن الشيخ نظام الدين الدهلوي المعروف بسلطان الأولياء ثم ابتدأهم بالخطاب على ألسنة الرسل وأصحاب الشرائع فقام ذلك مقام الذكر، ولو لم ينسوه لانتفت المحنة والتكليف، ولم يبلغنا في كون تلك الذرات مصورة بصورة الإنسان دليل، والأقرب للعقول عدم الاحتياج إلى كونها بصورة الإنسان إذ السمع والنطق لا يفتقران إلى الصورة بل يقتضيان محلا حياً لا غير، ويحتمل أن يكونوا مصورين بصورة الإنسان لقوله تعالى: (من ظهورهم ذرياتهم) ولم يقل ذراتهم ولفظ الذرية يقع على المصورين.
والحكمة في أخذ الميثاق منهم إقامة الحجة على من لم يوف بذلك العهد، والظاهر أنه لما ردهم إلى ظهره قبض أرواحهم، وأما أن الأرواح أين رجعت بعد رد الذرات إلى ظهره فهذه مسألة غامضة لا يتطرق إليها النظر العقلي بأكثر من أن يقال رجعت لما كانت عليه قبل حلولها في الذرات.
وورد أن كتاب العهد والميثاق مودع في باطن الحجر الأسود، ذكره الشعراني في رسالته [القواعد الكشفية في الصفات الإلهية] وذكر فيها على هذه الآية اثني عشر سؤالاً وأجاب عنها، والحق عندي إن كل ما لم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة فإطواؤه على غرة أولى وترك الخوض فيه أحرى.
(أن تقولوا) أي كراهة أن أو لئلا تقولوا (يوم القيامة إنا كنا عن هذا) أي عن كون الله ربنا وحده لا شريك له (غافلين).

الصفحة 75