كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

[1532] قَوْلُهُ (لَأَطُوفَنَّ) اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ وَهُوَ مَحْذُوفٌ أَيْ وَاللَّهِ لَأَطُوفَنَّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ قَسَمٍ
وَالْقَسَمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُقْسَمٍ بِهِ (عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً) قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي الْعَدَدِ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهَا مَا لَفْظُهُ فَمُحَصَّلُ الرِّوَايَاتِ سِتُّونَ وَسَبْعُونَ وَتِسْعُونَ وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ وَمِائَةٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا أَنَّ السِّتِّينَ كُنَّ حَرَائِرَ وَمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ سَرَارِيَّ أَوْ بِالْعَكْسِ وَأَمَّا السَّبْعُونَ فَلِلْمُبَالَغَةِ وَأَمَّا تِسْعُونَ وَالْمِائَةُ فَكُنَّ دُونَ الْمِائَةِ وَفَوْقَ التِّسْعِينَ فَمَنْ قَالَ تِسْعُونَ أَلْقَى الْكَسْرَ وَمَنْ قَالَ مِائَةً جَبَرَهُ
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْقَلِيلِ نَفْيُ الْكَثِيرِ وَهُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَيْسَ بِكَافٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَذَلِكَ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ كَثِيرِينَ
وَقَدْ حَكَى وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي الْمُبْتَدَأِ أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَانَ أَلْفُ امْرَأَةٍ ثَلَاثُ مِائَةِ مَهِيرَةٍ وَسَبْعُ مِائَةِ سُرِّيَّةٍ وَنَحْوُ مَا أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ إِنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَانَ أَلْفُ بَيْتٍ مِنْ قَوَارِيرَ فِيهَا ثَلَاثُ مِائَةِ صَرِيحَةٍ وَسَبْعُ مِائَةِ سُرِّيَّةٍ انْتَهَى (تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلَامًا)
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (فَطَافَ عَلَيْهِنَّ) أَيْ جَامَعَهُنَّ قَوْلُهُ (إِلَّا امْرَأَةً نِصْفَ غُلَامٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِلَّا وَاحِدَةً سَاقِطًا أَحَدَ شِقَّيْهِ (لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَكَانَ كَمَا قَالَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَأَطُوفَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِتِسْعِينَ امْرَأَةٍ كُلٌّ تَلِدُ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ
قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الْمَلَكَ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَنَسِيَ الْحَدِيثَ قَالَ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ قِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَهَا وَقَعَ مَا أَرَادَ
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهَا عِنْدَ مَا وَعَدَ الْخَضِرَ أَنَّهُ يَصْبِرُ عَمَّا يَرَاهُ مِنْهُ وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصْبِرْ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ

الصفحة 110