كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

بَغْتَةً وَهُوَ الْبَيَاتُ انْتَهَى
وَقَالَ فِيهِ أَغَارَ أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَالْغَارَةُ اسم من الاغارة
[1550] قَوْلُهُ (وَكَانَ إِذَا جَاءَ بِقَوْمٍ لَيْلًا لَمْ يَغُرْ عَلَيْهِمْ) مِنَ الْإِغَارَةِ (حَتَّى يُصْبِحَ) لِيَعْرِفَ بِالْأَذَانِ أَنَّهُ بِلَادُ الْإِسْلَامِ فَيُمْسِكُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ فَيُغِيرُ (خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ) جَمْعُ مِسْحَاةٍ وَهِيَ الْمِجْرَفَةُ مِنَ الْحَدِيدِ وَمِيمُهُ زَائِدَةٌ مِنَ السَّحْوِ بِمَعْنَى الْكَشْفِ وَالْإِزَالَةِ لِمَا يُكْشَفُ بِهِ الطِّينُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ (وَمَكَاتِلِهِمْ) جَمْعُ مِكْتَلٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الزِّنْبِيلُ الْكَبِيرُ (قَالُوا مُحَمَّدٌ) أَيْ هَذَا مُحَمَّدٌ أَوْ جَاءَ مُحَمَّدٌ (وَافَقَ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ الْخَمِيسَ) بِالنَّصْبِ وَالْمَعْنَى جَاءَ مُحَمَّدٌ مَعَ الْخَمِيسِ وَهُوَ الْجَيْشُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مُقَسَّمٌ خَمْسَةً الْمُقَدِّمَةُ وَالسَّاقَةُ وَالْمَيْمَنَةُ وَالْمَيْسَرَةُ وَالْقَلْبُ (خَرِبَتْ خَيْبَرُ) خَبَرًا أَوْ دُعَاءً (إِنَّا) أَيْ مَعْشَرَ الْإِسْلَامِ أَوْ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (وَإِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ بَيَانٌ لِمُوجِبِ خَرَابِ خَيْبَرَ
وَقَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ من أنه تعالى قدر نزوله بساحتهم بعد ما أنذروا أثم أَصْبَحَهُمْ وَهُمْ غَافِلُونَ عَنْ ذَلِكَ
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ السَّاحَةُ الْفَضَاءُ وَأَصْلُهَا الْفَضَاءُ بَيْنَ الْمَنَازِلِ (فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْكُفَّارِ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ
أَيْ بِئْسَ صَبَاحُهُمْ لِنُزُولِ عَذَابِ اللَّهِ بِالْقَتْلِ وَالْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا
وَفِيهِ اقْتِبَاسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ
[1551] قَوْلُهُ (كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ) أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ (أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ) الْعَرْصَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَيْنَهُمَا هِيَ الْبُقْعَةُ الْوَاسِعَةُ بِغَيْرِ بِنَاءٍ مِنْ دَارٍ وَغَيْرِهَا (ثَلَاثًا) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ثَلَاثَ لَيَالٍ
قَالَ الْمُهَلَّبُ حِكْمَةُ الْإِقَامَةِ لِإِرَاحَةِ الظَّهْرِ وَالْأَنْفُسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّهُ إِذَا كَانَ فِي أَمْنٍ مِنْ عَدُوٍّ طَارِقٍ
وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ إقامة
وقال بن الْجَوْزِيِّ إِنَّمَا كَانَ يُقِيمُ لِيُظْهِرَ تَأْثِيرَ الْغَلَبَةِ وَتَنْفِيذَ الْأَحْكَامِ وَقِلَّةَ الِاحْتِفَالِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَنْ كَانَتْ فِيهِ قُوَّةٌ مِنْكُمْ فَلْيَرْجِعْ

الصفحة 131