كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

أَيْضًا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عن بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلَ رِوَايَةِ الرَّمَادِيِّ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ نُعَيْمٍ عَنِ بن الْمُبَارَكِ بِلَفْظِ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ
وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَيْضًا بحديث مجمع بْنِ جَارِيَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَذَكَرْنَا لَفْظَهُ وَفِيهِ فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَالرَّاجِلَ سَهْمًا
وَأَجَابَ عَنْهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفًا وَلَوْ ثَبَتَ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا وَالْأَسَانِيدُ الْأُولَى أَثْبَتُ وَمَعَ رُوَاتِهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ
وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ سَهْمًا فَكَانَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِقَرَابَتِهِ
وَقَدِ اسْتَدَلَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِدَلَائِلَ أُخْرَى لَا يَخْلُو وَاحِدٌ مِنْهَا عَنْ كَلَامٍ قَادِحٍ لِلِاسْتِدْلَالِ

(باب مَا جَاءَ فِي السَّرَايَا)
جَمْعُ السَّرِيَّةِ وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّرِيَّةُ هِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَ مِائَةٍ تُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ وَجَمْعُهَا السَّرَايَا سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ خُلَاصَةَ الْعَسْكَرِ وَخِيَارَهُمْ مِنَ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفِيسِ
[1555] قَوْلُهُ (خَيْرُ الصَّحَابَةِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ صَاحِبٍ وَلَمْ يُجْمَعْ فَاعِلٌ عَلَى فَعَالَةٍ غَيْرَ هَذَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ (أَرْبَعَةٌ) أَيْ مَا زَادَ عَنْ ثَلَاثَةٍ قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْمُسَافِرُ لَا يَخْلُو عَنْ رَحْلٍ يَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِهِ وَعَنْ حَاجَةٍ يَحْتَاجُ إِلَى التَّرَدُّدِ فِيهَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً لَكَانَ الْمُتَرَدِّدُ وَاحِدًا فَيَبْقَى بِلَا رَفِيقٍ فَلَا يَخْلُو عَنْ خَطَرٍ وَضِيقِ قَلْبٍ لِفَقْدِ الْأَنِيسِ وَلَوْ تَرَدَّدَ اثْنَانِ كَانَ الْحَافِظُ وَحْدَهُ قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي الرُّفَقَاءَ إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَمَرِضَ أَحَدُهُمْ وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَ رَفِيقَيْهِ وَصِيَّ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَشْهَدُ بِإِمْضَائِهِ إِلَّا وَاحِدٌ فَلَا يَكْفِي وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً كَفَى شَهَادَةُ اثْنَيْنِ
وَلِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ يَكُونُ مُعَاوَنَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَتَمَّ وَفَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أيضا

الصفحة 138