كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ يَهُودِيٌّ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا
قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ حُرِّمَتْ رُطُوبَتُهُمْ لَاسْتَفَاضَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ نَقْلُ تَوَقِّيهِمْ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ مَعَ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالَاتِهِمُ الَّتِي لَا يَخْلُو مِنْهَا مَلْبُوسًا وَمَطْعُومًا وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَقْضِي بِالِاسْتِفَاضَةِ
قَالَ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ إِمَّا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الْأَكْلِ فِي آنِيَتِهِمْ لِلِاسْتِقْذَارِ لَا لِكَوْنِهَا نَجِسَةً إِذْ لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمْ يَجْعَلْهُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهَا إِذِ الْإِنَاءُ الْمُتَنَجِّسُ بَعْدَ إِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ هُوَ وَمَا لَمْ يَتَنَجَّسْ عَلَى سَوَاءٍ وَلِسَدِّ ذَرِيعَةِ الْمُحَرَّمِ أَوْ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ لِمَا يُطْبَخُ فِيهَا لَا لِرُطُوبَتِهِمْ كَمَا تُفِيدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ
إِنَّا نُجَاوِرُ أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثُهُ الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِآنِيَةٍ يُطْبَخُ فِيهَا مَا ذُكِرَ وَيُشْرَبُ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَأَمَّا الْآيَةُ فَالنَّجَسُ لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ ذُو نَجَسٍ لِأَنَّ مَعَهُمُ الشِّرْكَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّجَسِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَطَهَّرُونَ وَلَا يَغْتَسِلُونَ وَلَا يَتَجَنَّبُونَ النَّجَاسَاتِ فَهِيَ مُلَابِسَةٌ لَهُمْ وَبِهَذَا يَتِمُّ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ آيَةِ الْمَائِدَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِهَا وَآيَةُ الْمَائِدَةِ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ انْتَهَى مَا فِي السُّبُلِ
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الْمَنْعِ مِنِ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ الْكُفَّارِ حَتَّى تُغْسَلَ إِذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنَ النَّصَارَى بِمَوْضِعٍ مُتَظَاهِرًا فِيهِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ مُتَمَكِّنًا فِيهِ أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِآنِيَةِ مَنْ سِوَاهُمْ جَمْعًا بِذَلِكَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ غَسْلَ الْكُلِّ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الصَّيْدِ (وَنَهَى عَنْ كُلِّ سَبُعٍ ذِي نَابٍ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ
قَوْلُهُ (عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) كَذَا وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرًا وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ عَائِذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُكَبَّرًا وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الصَّيْدِ عَائِذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُكَبَّرًا وَهُوَ الصَّوَابُ

الصفحة 146