كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْتَمِلٌ مُجْمَلًا عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مُفَصَّلًا (أَمْسَكَ) أَيْ عَنِ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ (فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) أي وصلى (الْعَصْرِ) أَيْ إِلَى الْعَصْرِ (وَكَانَ يُقَالُ) أَيْ يَقُولُ الصَّحَابَةُ الْحِكْمَةُ فِي إِمْسَاكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِتَالِ إِلَى الزَّوَالِ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَخْ (عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ ظَرْفٌ لقوله (تَهِيجُ) أَيْ تَجِيءُ (وَيَدْعُو الْمُؤْمِنُونَ لِجُيُوشِهِمْ فِي صَلَوَاتِهِمْ) أَيْ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ بَعْدَ فَرَاغِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بِالْقُنُوتِ عِنْدَ النَّوَازِلِ قَالَهُ القارىء
قَالَ الطِّيبِيُّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ تَرْكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِتَالَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ لِاشْتِغَالِهِمْ بِهَا فِيهَا اللَّهُمَّ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنَّ هَذَا الْوَقْتَ مُسْتَثْنًى مِنْهَا لِحُصُولِ النَّصْرِ فِيهَا لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّك مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَعَلَّ لِهَذَا السِّرِّ خُصَّ فِي الْحَدِيثِ هَذَا الْوَقْتُ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ يُقَاتِلُ وَفِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ قَاتَلَ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الْحَالَةِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ قِتَالَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانَ أَشَدَّ وَتَحَرِّيهِ فِيهِ أَكْمَلُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ بِإِسْنَادٍ أَوْصَلَ مِنْ هَذَا) يَعْنِي أَنَّ إِسْنَادَ حَدِيثِ النُّعْمَانِ الْمَذْكُورِ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ لَيْسَ فِيهِ انْقِطَاعٌ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَجْهَ الِانْقِطَاعِ بِقَوْلِهِ وَقَتَادَةُ لَمْ يُدْرِكِ النُّعْمَانَ إِلَخْ وَذَكَرَ الْإِسْنَادَ الْمَوْصُولَ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ إِلَخْ

الصفحة 196