كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

شمشير بركشيدن ازنيام وَالسِّلَاحُ بِالْكَسْرِ آلَةُ الْحَرْبِ وَحَدِيدَتُهَا وَيُؤَنَّثُ وَالسَّيْفُ وَالْقَوْسُ بِلَا وَتَرٍ وَالْعَصَا
[1459] قَوْلُهُ (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ) وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِتَالِهِمْ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَخْوِيفِهِمْ وَإِدْخَالِ الرُّعْبِ عَلَيْهِمْ وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِالْحَمْلِ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ أَوِ الْقَتْلِ لِلْمُلَازَمَةِ الغالبة قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ مَا يُضَادُّ الْوَضْعَ وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْقِتَالِ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ حَمْلُهُ لِإِرَادَةِ الْقِتَالِ بِهِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَلَيْنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَمَلَهُ لِلضَّرْبِ بِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّشْدِيدِ فِيهِ
قَالَ الْحَافِظُ جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ مَنْ شَهَرَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَفِي سَنَدِ كُلٍّ مِنْهَا لِينٌ لَكِنَّهَا يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ رَمَانَا بالنبل فليس مناوهو عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ اللَّيْلُ بَدَلَ النَّبْلِ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مِثْلُهُ (فَلَيْسَ مِنَّا) أَيْ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا أَوْ لَيْسَ مُتَّبِعًا لِطَرِيقَتِنَا لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُقَاتِلَ دُونَهُ لَا أَنْ يُرْعِبَهُ بِحَمْلِ السِّلَاحِ عَلَيْهِ لِإِرَادَةِ قِتَالِهِ أَوْ قَتْلِهِ
وَنَظِيرُهُ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ
وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمِ بِشَرْطِهِ لَا بِمُجَرَّدِ حَمْلِ السِّلَاحِ
وَالْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ
وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَيَقُولُ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَيَرَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ
وَالْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْبُغَاةِ وَعَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ ظَالِمًا انْتَهَى
قوله (وفي الباب عن بن عمر وبن الزُّبَيْرِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) أَمَّا حديث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ حَدِيثِ الباب
وأما حديث بن الزُّبَيْرِ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي مُوسَى حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

الصفحة 22