كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 5)

مَكَّةَ وَاسْمُ أَبِيهِ قَيْسٌ وَقِيلَ طَارِقٌ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ
وَقَدْ شَارَكَ الْجَزَرِيَّ فِي بَعْضِ المشائخ فَرُبَّمَا الْتُبِسَ بِهِ عَلَى مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ انْتَهَى (وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ ثِقَةٌ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَهُوَ الْخَضْرَمِيُّ بِالْخَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ مِنَ الْيَمَامَةِ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ مِنَ السَّادِسَةِ انتهى
تنبيه) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ مُعْتَرِضًا عَلَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ مَا لَفْظُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَ أَيْضًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ اجْتِهَادَ الْمُسْتَنَدِ إِلَيْهِ سَابِقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى إسناد واحد من المحدثين ويقويه رواية بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَمَعَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْأَحْوَطُ حُرْمَتُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فَيُفِيدُ مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ إِذِ الْمَكْرُوهُ عِنْدَهُ مَا أَثِمَ آكِلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بِتَحْرِيمِهِ وَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ أَئِمَّتِنَا أَنَّ أَكْلَهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لَا أَنَّهُ حَرَامٌ مَحْضٌ لِعَدَمِ دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ مَعَ اخْتِلَافٍ فِقْهِيٍّ انتهى كلام القارىء بلفظه
قلت في كلام القارىء هَذَا أَوْهَامٌ وَأَغْلَاطٌ فَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الْحَسَنَ أَيْضًا يُسْتَدَلُّ بِهِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ يُسْتَدَلُّ بِهِ لَكِنْ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ هَذَا لَيْسَ بِحَسَنٍ بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا عَرَفْتَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ اجْتِهَادَ الْمُسْتَنِدِ إِلَيْهِ سَابِقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِلَخْ فَفَاسِدٌ وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ فِيمَا سَبَقَ
وأما قوله ويقويه رواية بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ
فَفِيهِ أَنَّ في رواية بن ماجه أيضا عبد الكريم فكيف تقويه
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَمَمْنُوعٌ وَسَنَدُ الْمَنْعِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَحُرْمَتُهُ مَمْنُوعَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَعَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْأَحْوَطُ حرمته ففيه أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ وَدَلِيلُ الْإِبَاحَةِ كِلَاهُمَا صَحِيحَيْنِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ ضَعِيفًا وَدَلِيلُ الْإِبَاحَةِ صَحِيحًا كَمَا فِي مَا نَحْنُ فِيهِ فَكَوْنُ الْحُرْمَةِ أَحْوَطُ مَمْنُوعٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا يُفِيدُ إِلَخْ فَفِيهِ وَهْمٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ الشَّيْخَانِ وَلَا غَيْرُهُمَا الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ بَلْ رَوَوْا الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَالضَّبُّ غَيْرُ الضَّبُعِ
قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي الْإِعْلَامِ وَأَمَّا الضَّبُعُ فَرُوِيَ عَنْهُ فِيهَا حَدِيثٌ صَحَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَجَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ أَحَادِيثِ التَّحْرِيمِ كَمَا خُصِّصَتِ الْعَرَايَا لِأَحَادِيثِ الْمُزَابَنَةِ وَطَائِفَةٌ لَمْ تُصَحِّحْهُ وَحَرَّمُوا الضَّبُعَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ ذَاتِ الْأَنْيَابِ وَقَالُوا وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ

الصفحة 409