كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 5)
وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ يابني هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ لَا فَصَلَّتْ سَاعَةً ثم قالت يابني هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ لَا فَصَلَّتْ سَاعَةً ثم قالت يابني هل غاب القمر قلت نعم قال فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا فَقُلْتُ لَهَا ياهنتاه ما أرانا إلا قد غسلنا قالت يابني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِلظُّعُنِ انْتَهَى
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ الرَّمْيُ لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى إِسْقَاطِ الْمُرُورِ بِالْمَشْعَرِ عَنِ الظَّعِينَةِ
وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ السُّكُوتُ عَنِ الْمُرُورِ بِالْمَشْعَرِ وَقَدْ ثبت في صحيح البخاري وغيره عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ ثُمَّ يَقْدَمُونَ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَيَرْمُونَ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ مَوْلًى لِأَسْمَاءَ أَخْبَرَهُ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْهَا
[1944] (بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ) أَيْ بِقَدْرِهِ فِي الصِّغَرِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ (فَأَوْضَعَ) أَيْ أَسْرَعَ السَّيْرَ بِإِبِلِهِ يُقَالُ وَضَعَ الْبَعِيرُ وَأَوْضَعَهُ رَاكِبُهُ أَيْ أَسْرَعَ بِهِ السَّيْرَ (وَادِي مُحَسِّرٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ
ــــــــــــQوَقَالَ مَالِك لَمْ يَبْلُغنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِأَحَدِ فِي الرَّمْي قَبْل طُلُوع الْفَجْر
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدين بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَالْحَدِيث الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْد اللَّه مَوْلَى أَسْمَاء أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَة جَمْع عِنْد الْمُزْدَلِفَة فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَة ثُمَّ قَالَتْ يَا بُنَيّ هَلْ غَابَ الْقَمَر قُلْت نَعَمْ قَالَتْ فَارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا فَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَة ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْح فِي مَنْزِلهَا فَقُلْت لَهَا يَا هَنْتَاهُ مَا أَرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا قَالَتْ يَا بُنَيّ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظَّعْنِ وَفِي لَفْظ لِمُسْلِمٍ لِظَعْنِهِ
وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز رَمْيهَا بَعْد نِصْف اللَّيْل فَإِنَّ الْقَمَر يَتَأَخَّر فِي اللَّيْلَة الْعَاشِرَة إِلَى قُبَيْل الْفَجْر وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاء بَعْد غِيَابه مِنْ مُزْدَلِفَة إِلَى مِنًى فَلَعَلَّهَا وَصَلَتْ مَعَ الْفَجْر أَوْ بَعْده فَهِيَ وَاقِعَة عَيْن وَمَعَ هَذَا فَهِيَ رُخْصَة لِلظَّعْنِ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى تَقَدُّم الرَّمْي فَإِنَّمَا تَدُلّ عَلَى الرَّمْي بَعْد طُلُوع الْفَجْر وَهَذَا قَوْل أَحْمَد فِي رِوَايَة وَاخْتِيَار بن الْمُنْذِر وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابهمَا
الصفحة 292