كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 5)

وَقَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَاهُ أَتَأْذَنُ أَنْ نَبْنِيَ لَكَ بَيْتًا فِي مِنًى لِتَسْكُنَ فِيهِ فَمَنَعَ وَعَلَّلَ بِأَنَّ مِنًى مَوْضِعٌ لِأَدَاءِ النُّسُكِ مِنَ النَّحْرِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْحَلْقِ يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ فَلَوْ بَنَى فِيهَا لَأَدَّى إِلَى كَثْرَةِ الْأَبْنِيَةِ تَأَسِّيًا بِهِ فَتَضِيقُ عَلَى النَّاسِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الشَّوَارِعِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْضُ الْحَرَمِ مَوْقُوفَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَ مَكَّةَ قَهْرًا وَجَعَلَ أَرْضَ الْحَرَمِ مَوْقُوفَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا أَحَدٌ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ وَذَكَرَ غَيْرُهُمَا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ

[2020] (قَالَ احْتِكَارُ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ) وَهُوَ اشْتِرَاءُ الْقُوتِ فِي حَالَةِ الْغَلَاءِ لِيُبَاعَ إِذَا اشْتَدَّ غَلَاهُ وَهُوَ حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَفِي الْحَرَمِ أَشَدُّ (إِلْحَادٌ فِيهِ) أَيْ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ فِي الْحَرَمِ
قَالَ تَعَالَى وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عذاب أليم قال المناوي احْتِكَارُ الطَّعَامِ أَيِ احْتِبَاسُ مَا يُقْتَاتُ لِيَقِلَّ فَيَغْلُوَ فَيَبِيعَهُ بِكَثِيرٍ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ إِلْحَادٌ فِيهِ يَعْنِي احْتِكَارُ الْقُوتِ حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَبِمَكَّةَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا فَإِنَّهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ فَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ الْإِلْحَادِ وَالِانْحِرَافِ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إِلْحَادٌ
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ عَلَّلَ الْمُسْنَدَ بِهَذَا

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قال بن الْقَطَّان وَعِنْدِي أَنَّهُ ضَعِيف لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَة يُوسُف بْن مَاهَك عَنْ أُمّه مُسَيْكَة وَهِيَ مَجْهُولَة لَا نَعْرِف رَوَى عَنْهَا غَيْر اِبْنهَا
وَالصَّوَاب تَحْسِين الْحَدِيث فَإِنَّ يُوسُف بْن مَاهَك من التابعين وقد سمع أم هانئ وبن عمر وبن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَقَدْ رَوَى عَنْ أُمّه وَلَمْ يُعْلَم فِيهَا جَرْح وَمِثْل هَذَا الْحَدِيث حَسَن عِنْد أَهْل الْعِلْم بِالْحَدِيثِ وَأُمّه تَابِعِيَّة قَدْ سَمِعَتْ عَائِشَة

الصفحة 349