كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 5)

الكهف 91 94 تطلُع الشمس قال فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغُشيَ عليّ ثم أفقتُ وهم يمسحونني بالدُّهن فلما طلعت الشمسُ على الماء إذا هو فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلونا سرَباً لهم فلما ارتفع النهارُ خرجوا إلى البحر يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضَج لهم وعن مجاهد من لا يلبَس الثيابَ من السودان عند مطلع الشمس أكثرُ من جميع أهلِ الأرض
{كذلك} أي أمرُ ذي القرنين كما وصفناه لك في رفعة المحلِّ وبسطةِ المُلك أو أمرُه فيهم كأمره في أهل المغرِب من التخيير والاختيارِ ويجوزُ أن يكونَ صفةَ مصدرٍ محذوف لوجد أو نجعل أو صفةَ قومٍ أي على قوم مثلَ ذلك القَبيل الذي تغرُب عليهم الشمس في الكفر والحُكم أو ستراً مثلَ سترِكم من اللباس والأكنان والجبال وغيرِ ذلك {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ} من الأسباب والعَدد والعُدد {خُبْراً} يعني أن ذلك من الكثرة بحيث لا يحيط به إلا علمُ اللطيفِ الخبير هذا على الوجه الأولِ وأما على الوجوه الباقيةِ فالمرادُ بما لديه ما يتناول ما جرى عليه وما صدر عنه وما لاقاه فتأمل
{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً} أي طريقا ثلثا معترِضاً بين المشرق والمغرب آخذاً من الجنوب إلى الشمال
{حتى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} بين الجبلين الذين سُدّ ما بينهما وهو منقطَعُ أرضِ الترك مما يلي المشرِق لا جبلا أرمينيةَ وأَذَرْبيجان كما توهم وقرئ بالضم قيل ما كان من خلقِ الله تعالَى فهو مضموم وما كان من عمل الخلق فهو مفتوح وانتصاب بين على المفعولية لأنه مبلوغ وهو من الظروف التي تستعمل أسماءً أيضاً كما ارتفع في قولِه تعالَى لَّقَدْ تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وانجرّ في قوله تعالى هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ {وَجَدَ مِن دُونِهِمَا} أي من ورائهما مجاوزاً عنهما {قَوْماً} أي أمة من الناس {لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم وقرئ من باب الإفعال أي لا يُفهمون السامعَ كلامَهم واختلفوا في أنهم من أي الأقوام فقال الضحاك هم جيلٌ من الترك وقال السدي التّركُ سريةٌ من يأجوم ومأجوم خرجت فضرب ذو القرنين السدّ فبقيت خارجَه فجميعُ الترك منهم وعن قتادة أنهم اثنتان وعشرون قبيلة سدّ ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلةً منهم وبقيت واحدة فسُمّوا التركَ لأنهم تركوا خارجين قال أهل التاريخ أولادُ نوح عليه السلام ثلاثةٌ سامٌ وحام ويافث فسام أبو العرب والعجمِ والروم وحامٌ أبو الحبشةِ والزَّنج والنُّوبة ويافثُ أبو الترك والخَزَر والصقالبة ويأجوجَ ومأجوج
{قَالُواْ} أي بواسطة مترجمِهم أو بالذات على أن يكون فهم

الصفحة 244