كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
لعمرك إنّ اللؤم خِدْنٌ وَصَاحِبٌ ... لِعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ مَا دَعَا اللَّهَ رَاغِبُ
تَرَاهُ عَظِيمًا ذَا رِوَاءٍ وَمَنْظَرٍ ... وَأَجْبَنُ مِنْ مَنْزُوفٍ «1» إِنْ صَاحَ «2»
نَاعِبُ
شُجَاعٌ عَلَى جِيرَانِهِ وَصَدِيقِهِ ... وَأَجْرَأُ مِنْهُ فِي اللِّقَاءِ الثَّعَالِبُ
فَشَكَاهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ هَجَانَا بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا، فَقَالَ:
أَرَى ابْنَ أبي سفيان يزجي جياده ... ليغزو عليّا ظلّة وَتَحَامُقَا
وَبِئْسَ الْفَتَى فِي الْحَرْبِ يَوْمًا إِذَا بَدَتْ ... بَرَازِيقُ خَيْلٍ يَتَّبِعْنَ بَرَازِقَا
فَهَلُمَّ نَدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: لا، وَإِنْ شِئْتَ هَجَوْتَهُ.
311- حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ: عَجَبًا لِعَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنِّي فِي غَيْرِ مَا أَنَا أَهْلُهُ، وَأَنَّ الَّذِي أَصْبَحْتُ فِيهِ لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، مَا لَهَا وَلِهَذَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا، إِنَّمَا كَانَ يُنَازِعُنِي فِي هَذَا الأَمْرِ أَبُوكَ، وَقَدِ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ، فقال الحسن: [أو عجب هَذَا «3» يَا مُعَاوِيَةُ؟
قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، قَالَ: أَفَلا أُنَبِّئُكَ بِأَعْجَبَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:
جُلُوسُكَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَأَنَا عِنْدَ رِجْلَيْكَ، فَضَحِكَ] مُعَاوِيَةُ ثُمَّ قال «4» : يا ابن أَخِي بَلَغَنِي أَنَّ عَلَيْكَ دَيْنًا، قَالَ: إِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا، قَالَ: وَكَمْ هُوَ؟ قَالَ: مِائَةُ ألف، قال: فقد أمرنا لك بثلاثمائة أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ لِقَضَاءِ دَيْنِكَ، وَمِائَةُ أَلْفٍ تُقَسِّمُهَا فِي أَهْلِ بَيْتِكَ، وَمِائَةُ أَلْفٍ لِخَاصَّةِ بَدَنِكَ، فَاقْبِضْ صِلَتَكَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْحَسَنُ قَالَ يَزِيدُ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلا اسْتَقْبَلَكَ بِمَا اسْتَقْبَلَكَ بِهِ، ثُمَّ أَمَرْتَ لَهُ بثلاثمائة أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الْحَقَّ حَقُّهُمْ، فَمَنْ أَتَاكَ مِنْهُمْ فَاحْثُ لَهُ وَاحْتَفِلْ.
__________
311- شرح النهج 4: 4
__________
(1) في المثل: أجبن من المنزوف ضرطا، انظر الميداني 1: 180 والعسكري 1: 324 والدرة الفاخرة: 108 والمستقصى رقم: 154 واللسان (نزف) والفاخر: 111
(2) س: صاع (اقرأ: ضاع) .
(3) س: أو عجبت لهذا.
(4) انظر ابن عساكر 4: 200 والدميري 1: 50
الصفحة 101