كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

315- المدائني عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ لَسْتُمْ إِلَى أَحَدٍ بِالْمَسَاءَةِ أَسْرَعُ مِنْكُمْ إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ، فَإِنْ يَكُ ذَلِكَ لِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ وَلِيَهَا بَنُو تَيْمٍ وَعَدِيٍّ فَأَظْهَرْتُمُ الطَّاعَةَ، وَقَدْ وَقَعَ مِنَ الأَمْرِ ما ترى معما كَانَ مِنْ وَقْعَةِ الْبَصْرَةِ «1» الَّتِي لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَظِيمِ الْمَصَائِبِ، وَذَهَابِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَأَخْذِ هَذِهِ الْحَرْبِ مِنَّا وَمِنْكُمْ، حَتَّى اسْتَوَيْنَا فِيهَا، وَقَدْ رَجَوْنَا غَيْرَ الَّذِي كَانَ، وَخَشِينَا دُونَ الَّذِي وَقَعَ، وَلَسْتُمْ بِلاقِينَا «2» الْيَوْمَ بِأَحَدٍ مِنْ حَدِّكُمْ أَمْسَ، وَلا غَدًا بِأَحَدٍ مِنْ حَدِّكُمُ الْيَوْمَ، وَقَدْ مُنِعْنَا بِمَا كَانَ مِنَّا الشَّامَ، وَمُنِعْتُمْ «3» بِمَا كَانَ مِنْكُمُ الْعِرَاقَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا سَبْعَةُ «4» نَفَرٍ:
رَجُلانِ بِالشَّامِ وَرَجُلانِ بِالْعِرَاقِ وَثَلاثَةٌ «5» بِالْحِجَازِ، فَأَمَّا الَّذِي بِالْحِجَازِ فَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَمَّا اللَّذَانِ بِالشَّامِ فَأَنَا وَعَمْرٌو، وَأَمَّا اللَّذَانِ بِالْعِرَاقِ فَعَلِيٌّ وَأَنْتَ، وَمِنَ السَّبْعَةِ رَجُلانِ نَاصِبَانِ وَرَجُلانِ مُدْبِرَانِ وَثَلاثَةٌ وُقُوفٌ عَنَّا وَعَنْكَ «6» ، وَأَنْتَ رَأْسُ هَذَا الْجَمْعِ الْيَوْمَ، وَلَوْ بَايَعَ النَّاسُ لَكَ بَعْدَ عُثْمَانَ كُنَّا إِلَيْكَ أَسْرَعُ مِنَّا إِلَى عَلِيٍّ وَالسَّلامُ. فَلَمَّا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كِتَابَهُ ضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: حَتَّى مَتَى يَخْطُبُ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ عَقْلِي وَأُجَمْجِمُ «7» لَهُ عَمَّا فِي نَفْسِي؟! ثُمَّ كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْد اللَّهِ ابن عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ سُرْعَتِنَا إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ بِسُلْطَانِ «8» بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ حَاجَتَكَ بِعُثْمَانَ، لَقَدِ اسْتَنْصَرَكَ فَلَمْ تَنْصُرْهُ «9» حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ، وَبَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَمِّكَ
__________
315- وقعة صفين: 414 والامامة 1: 183
__________
(1) يعني يوم الجمل.
(2) وقعة صفين: بملاقينا.
(3) وقعة صفين: قنعنا ... واقنعوا.
(4) وقعة صفين: ستة (ولم يذكر فيهم سعيد بن زيد) .
(5) وقعة صفين: ورجلان.
(6) وقعة صفين: واثنان واقفان، الامامة: وآخران واقفان عليك، (والواقفون هم سعد بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الله بن عمر) .
(7) س: وأحتجم، والرواية في ط م موافقة لما في الامامة ووقعة صفين.
(8) وقعة صفين: كراهيتنا لسلطان بني أمية.
(9) راجع ف: 133 في ما تقدم.

الصفحة 105