كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

ففي حكم القران لنا مزيد ... على ما كان لا قَالَ وقيل
أتأخذ «1» حقنا وتريد حمدًا ... له، هذاك تأباه العقول «2»
فَقَالَ له ابن عباس مجيبًا ... فلم يدر ابن هِنْد ما يَقُول
فلا تهج ابن عباس مجيبًا ... فإن جوابه جذع «3» أصيل
334- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الْفُرَاتِ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بِالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ وَنَسَبَهُ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وَإِيوَاءِ قَتَلَتِهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ: يَا أَهْلَ الشَّامِ إِنَّ مُعَاوِيَةَ يَخْدَعُكُمْ بِهَذَا الْخَاتَمِ (741) الَّذِي مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ جَازَتْ كُتُبُهُ فِي الآفَاقِ، وَادَّخَرَ «4» لِعِيَالِهِ الذَّخَائِرَ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ عَلَى الْحَسَنِ كَلامَهُ فَقَالَ: يَا حَسَنُ قَدْ وَصَفْتَ لَنا مُعَاوِيَةَ، فكيف صفتك للخراءة «5» ؟ فقال الحسن: يا أحيمق أبعد الممشى، وأنفي الأذى، وأستنجي بِالْيُسْرَى، فَغَاظَ قَوْلُهُ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ المدينة، واستشاط الْحَسَنُ، فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ تَخَوُّفًا أَنْ يَأْتِيَ الْحَسَنُ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ، وَأَنْ يَتَشَارَّ النَّاسُ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْحَسَنِ وَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَسَوِيقٍ فَجَدَحَهُ بِيَدِهِ، ثمّ قال: اشرب يا ابن فاطمة فو الله ما جدحته لأحد قبلك، فأخذه الْحَسَنُ فَشَرِبَ مِنْهُ الْحَسَنُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مُعَاوِيَةَ وقال: اشرب يا ابن هند فو الله مَا نَاوَلَكَ مِثْلِي، وَإِنَّ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ «6» لَبَوْنًا بَعِيدًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَجَلْ وَاللَّهِ وَمَا أَرَدْتُ بما قلت بأسا.
__________
334- عيون الأخبار 2: 172 وألف باء 1: 416 والعقد 4: 19- 20 وبعضه في أمالي الزجاجي: 115 وفصل المقال: 57 وأمالي القالي 2: 168 (منسوبا لغير الحسن) .
__________
(1) ط: أنأخذ.
(2) أخبار العباس:
أتأخذ حقنا وتجود حمقا ... وهذا ليس تقبله العقول
(3) م س: جدع.
(4) س: فادخر.
(5) س: للجراءة.
(6) س ط م: الامرأتين، وبهامش ط س: الأمرين.

الصفحة 113