كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
يَدِي يَا أَمِيرَ «1» الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُهَا ... بِعَفْوِكَ أَنْ تَلْقَى مَكَانًا يَشِينُهَا «2»
وَلا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا وَكَانَتْ حَبِيبَةً «3» ... إِذَا مَا شِمَالٌ «4» فَارَقَتْهَا يَمِينُهَا
وَلَوْ قَدْ أَتَى الأَخْبَارَ قَوْمِي لَقُلِّصَتْ ... إِلَيْكَ الْمَطَايَا وَهِيَ خُوصٌ عُيُونُهَا
وَدَنَتْ أُمُّهُ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاحِدِي «5» اعْفُ عنه، عف اللَّهُ عَنْكَ، فَقَالَ: وَيْحَكِ إِنَّ هَذَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: اجْعَلْ تَرْكَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُنُوبِكَ الَّتِي تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا، فَخَلَّى سَبِيلَهُ وَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
354- وروى الْمَدَائِنِيّ عَنْ أبي بَكْر الهذلي أنه قَالَ: وقف عبد الملك بْن مروان على قبر مُعَاوِيَة ومعه محمد بْن جبير «6» بْن مطعم، فرأى على القبر ثمامة تهتز، فَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ: يرحمك اللَّه أبا عبد الرحمن. ثم قَالَ لابن جبير: يَا أبا سَعِيد مَا كَانَ علمك بِهِ؟ قَالَ: كان واللَّه ممن ينطقه العلم ويسكته الحلم، فَقَالَ عبد الملك: كذلك كان، وولى وهو يَقُول:
وما الدهر والأيام إلا كما أرى «7» ... رزيئة مالٍ أو فراق حبيب
355- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ قَالَ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ لِمُعَاوِيَةَ: أَنَّا تَرَكْنَا الْحَقَّ وَعَلِيُّ يَدْعُونَا إِلَيْهِ، وَبَايَعْنَاكَ عَلَى مَا تَعْلَمُ، فَلَمَّا تَسَهَّلَتْ لَكَ الأُمُورُ جَعَلْتَ الدُّنْيَا لأَرْبَعَةٍ: سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ السَّهْمِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ
__________
354- راجع ف: 267، 352 وما يلي رقم: 443 والبيت أيضا في عيون الأخبار 3: 32 والمستطرف 2: 56 (والشاعر هو أبو الأسود) وتاريخ ابن عساكر (ترجمة عبد الملك) والمنتخل للثعالبي: 193 وديوان علي: 11، 8 ونهاية الأرب 3: 73 (والشاعر فيه هو زياد بن سيد) والحماسة البصرية 2: 411
__________
(1) الماوردي: يميني أمير.
(2) روض الأخيار: بعفوك من عار عليها يشينها، ابن الجوزي والديوان: بحقويك، ابن عساكر: بحقك ... يهينها، الماوردي: نكالا يبينها.
(3) الماوردي: خبيثة، روض الاخيار وابن الجوزي: ولا في نعيمها.
(4) عيون: شمالي.
(5) زاد في العيون: وكاسبي.
(6) مرّ في ف: 267 نافع بن جبير.
(7) م وهامش ط س: ترى.
الصفحة 124