كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

386- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي قَالَ: كانوا يقولون إن أبا سُفْيَان بْن حرب رجل شحيح بخيل له مال، وإنما سود لرأيه وعظم لماله. وهلك فِي أيام عثمان وله ثمان وثمانون سنة، وكانوا يقولون: إن مُعَاوِيَة كان ذا رأي وسخاء.
387- وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي أَصْحَابُنَا عَنِ ابْنِ جَعْدَبَةَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَرْضٌ إِلَى جَانِبِ أَرْضٍ لِمُعَاوِيَةَ وَكَانَ وَكِيلُ مُعَاوِيَةَ (749) بِالْمَدِينَةِ النَّضِيرَ مَوْلاهُ، فَعَمَدَ إِلَى أَرْضٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَضَمَّهَا إِلَى أَرْضِ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ هَذِهِ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عِنْدِي الْبَيِّنَةُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ قَطَعَهَا لِي مَقْتَلَ أَبِي بِالْيَمَامَةِ، فَقَالَ النَّضِيرُ: هَذِهِ قَطِيعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَخَاصِمْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ: اصْطَلَحَا، وَكَرِهَ أَنْ يَجْزِمَ الْقَضَاءَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الشَّامَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى بَابِ مُعَاوِيَةَ أَلْفَاهُ جَالِسًا بِالْخَضْرَاءِ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ لأَبِي يُوسُفَ «1» : اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: مَا لِي بُدٌّ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَإِنَّا «2» إِلَى أن توصل أرحامنا وتثمّر «3» لَنَا أَمْوَالُنَا أَحْوَجُ مِنَّا إِلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنَّا مَا فِي أَيْدِينَا، فَسَمِعَهُ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: أَدْخِلْهُ، فَدَخَلَ فَسَلَّمَ، «4» وَقَالَ: إِنَّ وَكِيلَكَ بِالْمَدِينَةِ تَعَدَّى عَلَيَّ، وَعَمَدَ إِلَى مَا قَطَعَ لِي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجَازَهُ لِي عُمَرُ فَأَلْجَأَهُ إِلَى أَرْضِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ عِنْدَهُ كِتَابًا مِنْ عُثْمَانَ بِأَنَّهُ قَطَعَهُ لَكَ، وَكَيْفَ يَقْطَعُ لَكَ عُثْمَانُ حَقًّا هُوَ لِي؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
تَرَكْتَ أَرْضَكَ «5» لَمْ تَعْمُرْهَا حَتَّى عَمِلْتَهَا، فَلَمَّا غُرِسَتْ فِيهَا خَمْسَةُ آلافِ وَدِيَّةٍ قُلْتُ: قَطِيعَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ «6» أَنَّهُ بَلَّغَهُ أَنَّ قَوْمًا يَتَحَجَّرُونَ الأَرْضَ ثُمَّ يَدْعُونَهَا عَطَلا فَيَجِيءُ آخَرُونَ فَيَزْرَعُونَهَا إِنَّهَا لِمَنْ زَرَعَهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قُلْتُ الْحقُّ يَا مُعَاوِيَةُ فَأَنْصِفْنِي، فَقَالَ: عَلَيَّ بِالْقَاضِي، وَهُوَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدِ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الزُّرَقِيُّ، فلم يأته وقال: في بيته
__________
386- قارن بابن عساكر 6: 407 وراجع في تاريخ وفاة أبي سفيان ف: 41
__________
(1) مرّ في ف: 248 أن آذن معاوية أبو أيوب يزيد مولاه.
(2) س: فإنما.
(3) س: ويثمن.
(4) م: فسلم عليه.
(5) م: أرضها.
(6) بهامش س: خ أبي بكر.

الصفحة 132