كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

قَالا: وَلِيَ مُعَاوِيَةُ الشَّامَ لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَأَتَاهُ وَهُوَ بِالشَّامِ بَحْدَلُ بْنُ أُنَيْفِ بْنِ دُلْجَةَ مِنْ وَلَدِ حَارِثَةَ بْنِ جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ بِابْنِ أَخٍ لَهُ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ، وَكَانَ ابْنَا أَخِيهِ هَذَانِ خَطَبَا مَيْسُونَ بِنْتَ بَحْدَلٍ جَمِيعًا فَزَوَّجَ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّ رَأْسَهُ لَفِي حِجْرِهَا وَهِيَ تُفَلِّيهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخُوهُ بِصَخْرَةٍ فَلَقَ بِهَا رَأْسَهُ، فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْتُهُ لَكَ فَذَهَبَ ابْنَا أَخِيكَ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْتَ فَالدِّيَةُ، فَقَبِلَ الدِّيَةَ.
ووجه مُعَاوِيَة «1» بعد ذلك رسولًا إلى بهدل بْن حسان بْن عدي بْن جبلة بْن سلامة ابن عليم بْن جناب الكلبي ليخطب عليه ابنته، وكانت بكرا، فغلط فمضى إلى بحدل ابن أنيف فخطب ابنته، فزوجه ميسون، فَقَالَ عمرو الزهيري «2» من كلب يهجو حسان بْن مالك بْن حدل:
إذا ما انتمى حسان يومًا فقل له ... بميسون نلت المجد لا بابن بحدل
بخمصانة ريا العظام كأنها ... من الوحش مكحول المدامع عيطل
ولولا ابن ميسون لما ظلت عاملًا ... تخمط أبناء الأكارم «3» من عل
وما كان يرجو مالك أن يرى ابنه ... على منبر يقضي القضاء بفيصل
ألا بهدلا كانوا أرادوا فضللت ... إلى بحدل نفس الرسول المضلل
فشتان إن قايست بين ابن بحدل ... وبين ابن ذي الشرط الأغر المحجل
وكان لعدي بْن جبلة بْن سلامة شرط فِي قومه: لا يدفنوا ميتًا حتى يكون هو الذي يخط له موضع قبره، وفيه يقول الشاعر «4» طعمة بْن مدفع الكلبي:
عشية لا يرجو امرؤ دفن أمه ... إذا هي ماتت أو يخطّ لها قبرا «5»
__________
(1) تاج العروس 5: 168 والخزانة 3: 594 (دون شعر) والشاعر هو عرفطة بن عثمان (كما في الجمهرة: 24/ أمن نسخة الاسكوريال) .
(2) ط م س: الزهري.
(3) ط وهامش س: الأكابر، خ بهامش ط: الأكارم، وقد كتبت الكلمتان إحداهما فوق الأخرى في م.
(4) الشاعر: سقطت من ط م.
(5) انظر تاج العروس 5: 168، وانظر بيتا مشابها في حماسة البحتري: 202

الصفحة 149