كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

57- حَدَّثَنِي التُّوزِيُّ النَّحْوِيُّ «1» عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَالٍ لَهُ بِمَكَّةَ، وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ غَرَسَ فِي ذَلِكَ الْمَالَ غُرُوسًا وَزَرَعَ «2» ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ صَفْوَانَ كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ إبراهيم: 37) وَقَدْ زَرَعْتَ فِيهِ كَأَنَّكَ تُرِيدُ الْخِلافَ (698) فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَتَى قَرَأْتَ هذه الآية يا ابن صَفْوَانَ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَحْرَقْتُ قَلْبَكَ بِهَا فَلا عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمَ مَتَى قَرَأْتُهَا.
58 [58]- حَدَّثَنِي العمري عَن الهيثم بن عدي عَنِ شَيْخٍ مِنْ حِمْيَرَ قَالَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: وَاللَّهِ مَا تُقَاتِلُ عَلِيًّا وَلا يُقَاتِلُكَ لِيَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَغْلَبُكُمَا لِصَاحِبِهِ، وَمَا تُقَاتِلانِ إِلا عَلَى الدُّنْيَا، فَأَطْعِمْنَا مِمَّا تَأْكُلُ لِنُنَاضِلَ عَنْكَ نِضَالَ مَنْ يُرِيدُ الأَكْلَ.
59 [59]- الْمَدَائِنِيّ قَالَ: قدم عبد اللَّه بْن جعفر على مُعَاوِيَة فأنزله معه فِي قصره «3» ، فدخل عليه مُعَاوِيَة يومًا وبديح يسمعه:
إنك ما أعلمك «4» ذو ملة ... يذهلك الأدنى عَنِ الأبعد
وعبد اللَّه يتخلج، فَقَالَ: ما هذا؟ قَالَ: أريحية تعتريني عند الطرب.
60- الْمَدَائِنِيّ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ للأحنف: أتراني نسيت قولك حسن بأبي «5» حسن، ورضاك بأن تذبح قريش بالبصرة كما تذبح الحيران «6» ؟! ولكني أستصلحك وقومك، فقد كفيتك ما قبلي فاكفني ما قبلك، فكان الأحنف يَقُول: لقد كلمني مُعَاوِيَة بكلام ما بعده نغل ولا دغل.
__________
[58] تاريخ الاسلام 2: 237 والنجوم الزاهرة 1: 72.
[59] ابن عساكر 7: 327 والعقد 6: 19، وبيت الشعر في اللسان والتاج (ملل) .
__________
(1) انظر ترجمته في نور القبس: 215- 217 وبغية الوعاة: 290
(2) م: وزرع زروعا.
(3) م: قصر.
(4) ط م: إني، وهامش ط: إنك ما أعلم.
(5) ط م: بكائي.
(6) بهامش ط: جمع حوار وهو ولد الناقة.

الصفحة 19