كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
سفكت دماؤها واختلف ملأها «1» وَسُفِّهَتْ أَحْلامُهَا «2» ؟ فَقَالَ: قَتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، وَالْخِلافَةُ لا تَصْلُحُ لِمُنَافِقٍ وَلا ذِي دُعَابَةٍ- يُعَرِّضُ بِعَلِيٍّ وَأَنَّ زِيَادًا كَانَ مِنْ أَعْوَانِهِ- فَفَطِنَ زِيَادٌ فَقَالَ: رَاجِزٌ رَجَزَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِي وَلَقَدْ زَجَرْتُهُ وَنَهَرْتُهُ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ.
96- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سعد عن الواقدي عن ابن أبي الزناد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُعَاوِيَةُ بِالأَبْوَاءِ فِي حَجَّتِهِ اطَّلَعَ فِي بِئْرٍ «3» فَأَصَابَتْهُ اللِّقْوَةُ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لبعرضِ خَيْرٍ، إِمَّا ابْتُلِيَ فأجر، وإمّا عُوفِيَ فَشَكَرَ، وَإِمَّا عُوقِبَ بِذَنْبٍ فَمُحِّصَ، وَلَئِنِ ابْتُلِيتُ لَقَدِ ابْتُلِيَ الصَّالِحُونَ، وَلَئِنْ مَرِضَ عُضْوٌ مِنِّي فَمَا أُحْصِي صَحِيحِي «4» ، وَلَمَّا عُوفِيتُ أَكْثَرُ، وإنّي اليوم ابن بضع وسبعين سنة، وما لي عَلَى رَبِّي أَكْثَرُ مِمَّا أَعْطَانِي، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا دَعَا لِي «5» بِالْعَافِيَةِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: جَزِعْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: يَا مَرْوَانُ إِنِّي قَدْ رَقَقْتُ وَذَكَرْتُ مَا كُنْتُ عَنْهُ عَزُوفًا، وَقَدِ ابْتُلِيتُ فِي أَحْسَنِي، وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ عُقَوبَةً مِنْ رَبِّي، وَلَوْلا هَوَايَ فِي يَزِيدَ لأَبْصَرْتُ رُشْدِي «6» .
97- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ أَنْ يُرَدَّ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَطِيبَ لَهُ الْبَاقِي لأَنَّ عُمَرَ قاسم عمّاله «7» .
__________
96- عيون الأخبار 3: 46 ومحاضرات الراغب 1: 155 وابن كثير 8: 118 وسير الذهبي 3: 103، 104 والبصائر 1: 19 وانظر أيضا معجم البكري: 955 وتاريخ الاسلام 2: 323، وانظر بعضه في محاضرات الراغب 2: 22 وفاضل المبرد: 123 97- الطبري 2: 202 وابن الأثير 4: 4 وسيرد فيما يلي رقم: 432 وانظر اليعقوبي 2: 264 ومحاضرات الراغب 1: 239 وطبقات ابن سعد 3/ 1: 221
__________
(1) ط م: ملاؤها.
(2) قوله: يا أبا ساسان ... أحلامها سيرد في ما يلي رقم: 349
(3) البكري: بئر الطلوب، الذهبي: بئر عادية.
(4) ط م س: صحتي.
(5) لي: سقطت من م.
(6) البصائر والذهبي: قصدي.
(7) ذكر اليعقوبي أن معاوية طالب جميع عماله بالمقاسمة مقتفيا سنة عمر، وفيما صنعه عمر انظر الطبري 1: 2864 وفتوح البلدان: 82، 385.
الصفحة 28