كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
بِصَدَقَةٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا، وَقَسَّمَ فِي أَصْحَابِهِ قِطْعَةً مِنَ الْمَالِ، وَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَالٍ فَدَعَا بِصُنْدُوقٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةَ رَسُولُهُ بِفِعْلِهِمَا فَقَالَ: هَكَذَا هُمَا لَوْ وُلِّيَا.
143- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: زَارَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ جَبَلَةَ بْنَ الأَيْهَمِ الْغَسَّانِيَّ بِجَلْقٍ فَجَفَاهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ لَقِيَهُ جَبَلَةُ مُتَنَكِّرًا فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الَّذِي قَدِمْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَصْدُقُ فِي ذَمِّهِ لَذَمَمْتُهُ، وَلَكِنِّي أَسْكُتُ فَلا أَذُمُّ وَلا أَحْمَدُ، قَالَ: فَارْجِعْ، ثُمَّ وَصَلَهُ وَقَالَ: لا يَأْتِيكَ مِنِّي تَحِيَّةً إِلا وَمَعَهَا صِلَةٌ، فَلَمَّا ظَهَرَ الإِسْلامُ وَلَحِقَ جَبَلَةُ بِالرُّومِ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ «1» رَجُلا يَفْدِي مَنْ فِي أَيْدِي الرُّومِ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَرَآهُ جَبَلَةُ فَسَأَلَهُ عَنْ حَسَّانَ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ بَاقٍ وَأَنَّهُ خَلَّفَهُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَقْرِئْهُ السَّلامَ وأعطه هذه الخمس المائة «2» الدِّينَارِ، فَقَدِمَ الرَّجُلُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَحَسَّانُ عِنْدَهُ، فقال له: جَبَلَةُ يُقْرِئُكَ السَّلامَ يَا حَسَّانُ، قَالَ: هَاتِ مَا مَعَكَ، قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: أَعْطِهِ، فَأَعْطَاهُ الدَّنَانِيرَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ هَذَا لَعَهْدٌ كَرِيمٌ.
144- الْمَدَائِنِيّ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ حين مات عتبة أخوه: لولا أن الدنيا بنيت على نسيان الأحبة لظننت أني لا أنسى أخي عتبة أبدًا.
145- حَدَّثَنِي عَبَّاسُ (706) بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَّى مُعَاوِيَةُ عنبسة ابن أَبِي سُفْيَانَ، وَأُمُّهُ ابْنَةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ «3» ، الطَّائِفَ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّى الطَّائِفَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَ لَهُ عَنْبَسَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ مَا نَزَعْتَنِي عَنْ ضَعْفٍ وَلا خِيَانَةٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ عُتْبَةَ ابْنُ هِنْدٍ، فَوَلَّى عَنْبَسَةُ وَهُوَ يَقُولُ:
__________
143- قصة حسان وجبلة في الشعر والشعراء: 170 والمحاسن والمساوئ: 74- 76 والأغاني 15: 122 (واسم الرسول: عبد الله بن مسعدة الفزاري) والعقد 2: 56- 62 144- العقد: 3: 244 145- الجمهرة: 29 ومختصر الجمهرة: 5 ب (وفيهما البيت الأول) والمصعب: 125 والطبري 2: 210 (وفيهما الأبيات) .
__________
(1) م: معه.
(2) م: مائة
(3) م: أزيهير.
الصفحة 39