كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

1059- وَقَالَ الْمَدَائِنِي: مَاتَ الْحَارِث بْن مُعَاوِيَة أَيَّام مَسْعُود (882) فَقَالَ الأحنف: رحمك اللَّه أبا المؤرق فارقتنا أحوج مَا كُنَّا إليك.
1060- أَبُو الْحَسَن الْمَدَائِنِي عَنْ عامر بْن حفص، قَالَ: خرج ابْن زِيَاد من البصرة هاربًا إِلَى الشام في قوم وفوا لَهُ، فَقَالَ ذَات ليلة: إنه قَدْ ثقل عَلِي ركوب الإبل فوطئوا لي عَلَى ذَات حافر، فألقيت لَهُ قطيفة عَلَى حمار فركبه وإن رجليه لتخدان فِي الأَرْض، فَقَالَ بَعْض من كَانَ مَعَهُ ورآه قَدْ سكت سكتة طويلة: هَذَا عبيد اللَّه بْن زِيَاد أمِير العراق بالأمس نائمًا «1» عَلَى حمار لو سقط عَنْهُ أعنته، ثُمَّ دنا منه فَقَالَ: أنائم أَنْتَ؟ فَقَالَ ابْن زِيَاد: لا، قَالَ: فَمَا هذه السكتة؟ قَالَ: كنت أحدث نفسي، قَالَ لَهُ: أنا أخبرك بِمَا فكرت فِيهِ، قَالَ: قل، قَالَ: قُلْت ليتني لَمْ أقتل حسينًا، وليتني لَمْ أكن بنيت البيضاء «2» ، وليتني لم أكن استعملت الدهاقين، وليتني لَمْ أقتل من قتلت، فَقَالَ ابْن زِيَاد: والله مَا نطقت بصواب ولا سكت عَنْ خطأ، أما الْحُسَيْن فَإِنَّهُ سار إِلَى يريد قتلي فاخترت قتله عَلَى أَن يقتلني، وأمّا البيضاء فإنّي اشتريتها من عبد اللَّه بْن عُثْمَان الثقفي فأرسل إِلَى يَزِيد بألف ألف فأنفقتها عَلَيْهَا، فَإِن بقيت فلأهلي (و) إلّا فإني لا آسى عَلَيْهَا، وَأَمَّا استعمالي الدهاقين فإنّ عبد الرحمن بن أبي بكرة وزاد انفرّوخ رفعا عَلِي عِنْدَ مُعَاوِيَة فخيرني مُعَاوِيَة بَيْنَ الضمان والعزل فكرهت العزل، وكنت إِذَا استعملت الرجل من العرب فكسر الخراج فأقدمت عَلَيْهِ «3» أو غرت صدور عشيرته، أَوْ أغرمته فحملت عَلَى عَطَاء قومه أضررت بِهِمْ، وإن تركته تركت مال اللَّه وأنا أعرف مكانه، فوجدت الدهاقين أبصر بالجباية وأوفى بالأمانة وأهون عَلِي مطالبة، وَأَمَّا قتلي من قتلت فَمَا علمت بَعْد قولي كلمة الإخلاص عملًا أقرب إِلَى اللَّه من قتلي من قتلت من الخوارج، ولكني حدثت نفسي فَقُلْتُ: ليتني قاتلت أهل البصرة فإنهم بايعوني طائعين ثُمَّ نكثوا، ولقد أردت ذَلِكَ ولكنّ
__________
1060- الطبري 2: 457 وابن الأثير 4: 115
__________
(1) الطبري: نائم.
(2) البيضاء: دار عبيد الله بن زياد بالبصرة.
(3) الطبري: فتقدمت إليه.

الصفحة 410