كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله وخلع مَا أَنْتَ عَلَيْهِ من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا يعرف من عبده مِمَّن لَمْ يعبده،] فَقَالَ خَالِد: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّه وَأَنَّكَ رَسُول اللَّهِ، فسر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلامه. ويقال أَنَّهُ رأى نارًا خرجت من زمزم فملأت الأفقين وسمع قائلًا يَقُول: هلكت اللات والعزى، فأتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقص عليه رؤياه «1» ثُمَّ أسلم، ولما أسلم خَالِد تغيب، وبلغ أباه خبره فأرسل فِي طلبه إِلَى الطائف فلم يوجد بِهَا فأخبر أَنَّهُ بأعلى مَكَّة فِي شعب أَبِي دب الخزاعي، فأرسل إِلَيْهِ أبان وعمرًا أخويه ورافعًا مولاه فوجدوه قائمًا يصلي، فأتوه بِهِ فأنبه وبكته وضربه بعصا كانت مَعَهُ حَتَّى كسرها وَقَالَ: اتبعت محمدًا وأنت ترى خلافة لقومه وَمَا جاء بِهِ من عيب آلهتهم والزري «2» عَلَى من مضى من آبائهم وزعمه أَن بَعْد موتهم نارا يخلدون فِيهَا، فَقَالَ خَالِد: قَدِ اتبعته وَهُوَ والله صادق، فَقَالَ: أَوْ تصدقه أيضًا؟ فحدثه رؤياه فشتمه أَبُو أحيحة وَقَالَ: أذهب يا لكع حيث شئت فو الله لأمنعنك القوت، وأمر بنيه أَن لا يكلموه، ولقي أبا سُفْيَان بْن حرب فَقَالَ لَهُ: هدمت شرفك، قَالَ: بَل شيدته وعمرته، فَقَالَ: أَنْتَ غلام حدث ولو بسط عليك العذاب لأقصرت، فانصرف خَالِد فلزم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكثر تأنيب قريش لَهُ، ودخل أَبُو جهل عَلَى أَبِي أحيحة فَقَالَ لَهُ: والله مَا أدري أضعفت أم ضجعت الرأي أم أدركتك المنافية، فَقَالَ أَبُو أحيحة: والله لَقَدْ غاظني أمر مُحَمَّد وَإِنَّهُ لأوسطنا نسبًا، ولقد نشأ صادق الْحَدِيث مؤديا للأمانة، ولقد جاء بدين محدث فرق بِهِ جماعتنا وشتت أمرنا وأذهب بهاءنا، ولئن صدقني ظني فِيهِ ليخرجن إِلَى قوم يقوى بِهِمْ عَلَيْنَا، فَقَالَ أَبُو جهل: لا تقل هَذَا فَمَا الفرج لنا إلا فِي خروجه عنا وتحوله من دارنا حَتَّى تعود ألفتنا.
وروي «3» عَنْ أم خَالِد بنت خَالِد بْن سَعِيد أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَبِي خامسًا فِي الإِسْلام، تقدمه ابْن أَبِي طَالِب وزيد بْن حارثة وابن أبي قحافة وسعد (892) بن أبي وقّاص.
__________
(1) م: فقصّ روياه عليه.
(2) م وخ بهامش ط س: والإزراء.
(3) ابن سعد 4/ 1: 69 وأسد الغابة 2: 90

الصفحة 429