كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

أَعْلَمْتُهُ أَنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالْكَلامِ، فَأَعْطَاهُ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: فَسِّرْ لِيَزِيدَ مَا قُلْتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: هُنَّ أُمَّهَاتٌ لَهُ حَبَشِيَّاتٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُنَّ ابْنُ الْكَلْبِيَّةِ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ:
ثَلاثٌ قَدْ وَلَدْنَكَ مِنْ حُبُوشٍ ... إِذَا تَسْمُو جذبنك بالزّمام
(724) تمدّر والبريح وأمّ قدح ... ومجلوب يُعَدُّ مِنْ آلِ حَامٍ
254- الْمَدَائِنِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو نَوْفَلٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ حَجَّ فَدَخَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَبَلَغَ ابْن الزُّبَيْرِ ذَلِكَ فَجَاءَ فَحَرَّكَ الْبَابَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لا تَفْتَحُوا لَهُ، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ فَفُتِحَ لَهُ وَدَخَلَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ دَخَلَ الْبَيْتَ؟ فَذَكَرَ السَّارِيَةَ الْيُسْرَى، ثُمَّ دَخَلَ ابْن الزُّبَيْرِ بَعْدَ خُرُوجِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَمَا هُوَ إِلا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ؟! قال: نعم يا ابن الزُّبَيْرِ، أَمَّا عُرَى الأُمُورِ الَّتِي هِيَ عُرَاهَا فَلَهَا قَوْمٌ سِوَاكَ، وَفِيمَا دُونَ تِلْكَ أُمُورٌ يُسْتَعَانُ «1» بِكَ فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَعْلَمُ مِنَ الَّذِي سَأَلْتَ، وَلَكِنَّكَ حَسُودٌ فَحَسَدْتَنِي، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ شِئْتَ قُلْتَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ.
255- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ خَالِدِ «2» بْنِ عَجْلانَ قَالَ، قَالَ عَبْدُ الله ابن الزُّبَيْرِ لِمُعَاوِيَةَ: لَقَدْ أَعْظَمَ النَّاسُ وِلادَةَ صَفِيَّةَ إِيَّانَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ تَلِدْنَا حُرَّةٌ غَيْرَهَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هِيَ وَاللَّهِ أَدْنَتْكَ مِنَ الظِّلِّ وَلَوْلا ذَلِكَ كُنْتَ ضَاحِيًا، وَيْحَكَ هَلْ وَلَدَكَ مِثْلَهَا أَوْ تَجِدُ مِثْلَهَا إِلا أُخْتَهَا أَوْ عَمَّتَهَا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّهَا وَبَنِي أَبِيهَا مَعَ قَوْلِكَ لَرَضْفَةٌ بَيْنَ جَنْبَيْكَ يُوشِكُ أَنْ تَطْلُعَ عَلَى قَلْبِكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ذَلِكَ زَمَانًا وَهُمُ الرَّدِيفُ.
256- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَدَالَنَا على عدوّنا وردّ علينا زماننا، فقال رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَمَا وَاللَّهِ مَا ذاك لكرامتك على الله يا
__________
256- فاضل المبرد: 88
__________
(1) س: يستعاذ.
(2) ط م س: خليد، وسيرد في رقم: 276 في ط م خليد أيضا، ولكنه ورد بصيغة «خالد» (رقم: 434)

الصفحة 78