كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
كَانَ فِي الصَّائِفَةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَسَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَنِ النَّاسِ وَحَالِهِمْ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ حَبَقَ الرَّجُلُ فَحُصِرَ وَسَكَتَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: خُذْ أَيُّهَا الرَّجُلُ فِي حَدِيثِكَ فَمَا سَمِعْتُهَا مِنْ أَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا سَمِعْتُهَا مِنْ نَفْسِي.
274- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ قَالَ، قَالَ زياد: لَمْ يَغْلِبْنِي مُعَاوِيَةُ بِالسِّيَاسَةِ إِلا فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ اسْتَعْمَلْتُهُ (727) فَكَسَرَ الْخَرَاجَ وَلَحِقَ بِهِ فَآمَنَهُ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ:
إِنَّ فِي هَذَا مَفْسَدَةً لِلْعُمَّالِ وَحَمْلا عَلَى سُوءِ الأَدَبِ، فَابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ، فَكَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ: إِنَّهُ لا يَصْلُحُ أَنْ أَسُوسَ وَتَسُوسَ النَّاسَ سِيَاسَةً وَاحِدَةً، إنّا إن نشتدّ جميعا نهلك الناس ونخرجهم، وَإِنْ نَلِنْ جَمِيعًا نَبْطَرْهُمْ، وَلَكِنْ تَلِينُ وَأَشْتَدُّ وَتَشْتَدُّ وَأَلِينُ، فَإِذَا خَافَ أَحَدُهُمْ وَجَدَ بَابًا فَدَخَلَهُ.
275- حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادٍ قَالَ: مَا غَلَبَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةُ إِلا بِوَاحِدَةٍ، اسْتَعْمَلْتُ فُلانًا فَكَسَرَ الْخَرَاجَ وَهَرَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ هَذَا أَدَبُ سُوءٍ لِمَنْ قِبَلِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِي وَلَكَ أَنْ نسوس الناس سياسة واحدة، فنلين جميعا تمرج «1» النَّاسَ فِي الْعَصَبِيَّةِ، وَأَنْ لا نَشْتَدَّ «2» جَمِيعًا فَنَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْمَهَالِكِ، وَلَكِنْ تَكُونُ أَنْتَ لِلْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ، وَأَكُونُ أَنَا لِلِّينِ وَالرَّأْفَةِ، أَوْ قَالَ: لِلرَّحْمَةِ.
276- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ عن خالد «3» بْنِ عَجْلانَ قَالَ: دَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: يَا مُعَاوِيَةُ أَرَاكَ مُعْجَبًا بِمَا أَنْتَ فِيهِ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي نِلْتُ مَا أَنْتَ فِيهِ وَأَنِّي هرقت محجمة من دم، قال: لكنّني وَابْنَ عَمِّكَ قَدْ هَرَقْنَا مَحْجَمَةً وَمَحْجَمَةً وَمَحَاجِمَ.
__________
274- محاضرات الراغب 1: 80 275- العقد 1: 42، 5: 10 وسير الذهبي 1: 102 276- ابن عساكر 6: 106 وانظر تاريخ الاسلام 2: 284 وشرح النهج 1: 201، 2: 263
__________
(1) م: يمرج، والياء غير معجمة في ط.
(2) م ط: ولا أن نستبد، س: يشتد.
(3) ط م س: خليد.
الصفحة 84