كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)
286- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ «1» قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَهُمْ وَفَضَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمْ، أعطاه ألف ألف درهم، فَقَالَ عَبْد الله ابن صَفْوَانَ: يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا صَغُرَتْ أُمُورُنَا عِنْدَكَ لأَنَّا لَمْ نُقَاتِلْكَ كَمَا قَاتَلَكَ غَيْرُنَا، وَلَوْ كُنَّا فَعَلْنَا كُنَّا كَابْنِ جَعْفَر، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنِّي (729) أُعْطِيكُمْ فَتَكُونُونَ إِمَّا رَجُلا مُعِدًّا بِمَا أُعْطِيهِ لِحَرْبِي، وَإِمَّا مضمًا لَهُ مَعَ بُخْلٍ بِهِ «2» ، وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ يُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ، ثُمَّ لا يَلْبَثُ أَنْ يَلْزَمَهُ مِنَ الدَّيْنِ بِتَوَسُّعِهِ أَكْثَرَ مِمَّا نُعْطِيهِ، فَخَرَجَ ابْنُ صَفْوَانَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَيَحْرِمُنَا حَتَّى نَيْأَسَ وَيُعْطِينَا حَتَّى نَطْمَعَ.
287- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَرَادَ الْمُغِيرَةُ أَنْ يَبْلُوَ مَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ في إتيان الحجاز أو المصير إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: إِنْ شِئْتَ فَأْتِ الْحِجَازَ وَإِنْ شِئْتَ فَصِرْ إِلَيْنَا، فَإِنَّكَ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ:
اخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا بَدَا لَكَ رَاشِدًا ... وَدَعِ الْخِدَاعَ فَقَدْ كَفَاكَ الأَوَّلُ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ:
إِنَّ الَّذِي يَرْجُو سِقَاطَكَ وَالَّذِي ... سَمَكَ السَّمَاءَ مَكَانَهَا لَمُضَلَّلُ
أَجَعَلْتَ مَا أُلْقِي إِلَيْكَ خَدِيعَةً ... حَاشَا الإِلَهِ وَتَرْكُ ظَنِّكَ أَجْمَلُ
288- المدائني عن علي بن سليم قال، قال عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي مَجْلِسِ مُعَاوِيَةَ:
احْمَدُوا اللَّهَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ الَّذِي جَعَلَ وَالِي أَمْرِكُمْ مُعَاوِيَةَ، مَنْ يُغْضِي عَلَى الْقَذَى، وَيَتَصَامُّ عَنِ الْعَوْرَاءِ، وَيَجُرُّ ذَيْلَهُ عَلَى الْخَدَائِعِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَشَيْنَا إِلَيْهِ الضَّرَّاءَ وَدَبَبْنَا لَهُ الْخُمُرَ، وَقَلَبْنَا لَهُ ظَهْرَ الْمِجَنِّ، وَرَجَوْنَا أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِنَا مَنْ لا يُعْطِيكَ «3» مَالَ مِصْرَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى مَتَى لا تنصفون من
__________
286- المجتنى: 37 وقارن بما يلي رقم: 774 288- العقد 4: 21- 22 والموفقيات: 153 والبصائر 3: 181
__________
(1) المجتنى: المدائني عمن حدثه عن أبي الحسن بن عبد الرحمن الأنصاري.
(2) المجتنى: إما معدم فأعطيه لخزن أو مضمر لها مع بخل به.
(3) الموفقيات والتوحيدي: يطعمك.
الصفحة 88