كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 5)

290- الْمَدَائِنِيَّ عَنِ ابْنِ جُعْدُبَةَ «1» قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَوْلَ حُذَيْفَةَ (730) إِنِّي لَمْ أُشْرِكْ فِي دَمِ عُثْمَانَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ شَرَكَ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ: الرَّجُلُ كَانَ أَعْلَمَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنْتَ قَدْ شَرَكْتَ فِي دَمِهِ، قَالَ: كَلا وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَنْهَاهُ عَمَّا قِيلَ فِيهِ، وَكُنْتَ تَأْمُرُهُ بِهِ، فَلَمَّا صَعُبَ الأَمْرُ عَلَيْهِ «2» اسْتَغَاثَ بِكَ، فَأَبْطَأْتَ عَنْهُ حَتَّى قُتِلَ.
291- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَوْفَدَ زِيَادٌ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ «3» النُّمَيْرِيَّ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَخْبَرْنِي عَنْ زِيَادٍ، قَالَ: يَسْتَعْمِلُ عَلَى الْجُرْأَةِ «4» وَالأَمَانَةِ دُونَ الْهَوَى وَالْمُحَابَاةِ، وَيُعَاقِبُ فَلا يَعْدُو بِالذَّنْبِ قَدْرَهُ، وَيَسْمُرُ وَيُحِبُّ السَّمَرَ لِيَسْتَجِمَّ «5» بِحَدِيثِ اللَّيْلِ تَدْبِيرَ النَّهَارِ، قَالَ: أَحْسَنَ، إِنَّ التَّثْقِيلَ عَلَى الْقَلْبِ مَضَرَّةٌ بِالرَّأْيِ، فَكَيْفَ رَأْيُهُ «6» فِي حُقُوقِ النَّاسِ؟ قَالَ: يَأْخُذُ مَا لَهُ عَفْوًا وَيُعْطِي مَا عَلَيْهِ عَفْوًا، قَالَ: فَكَيْفَ عَطَايَاهُ؟ قَالَ: يُعْطِي حَتَّى يُقَالَ جَوَادٌ وَيَمْنَعُ حَتَّى يُقَالَ بَخِيلٌ، قَالَ مُعَاوِيَةُ «7» : إِنَّ الْعَدْلَ ضَيِّقٌ وَفِي الْبَذْلِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ، فَكَيْفَ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ فِيهَا بِمَطْمَعٍ، مَا أَرَادَ مِنْ خَيْرٍ جَعَلَهُ لَكَ أَوْ لَهُ.
292- الْمَدَائِنِيّ قَالَ، قَالَ رجل من قريش لِمُعَاوِيَةَ: يا مُعَاوِيَة لا تباعدن منا ما قرب اللَّه، ولا تصغرن ما عظم، ولا تقطعن منا ما أمر اللَّه به أن يوصل، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
يرحمك اللَّه، واللَّه ما صغرت منكم شيئًا إلا بما أنزلتموه بأنفسكم، وما باعدت منكم إلا ما تباعدتم به مني، ولا قطعت إلا ما بدأتم بقطعة، هذا مروان بن الحكم وسعيد بن
__________
290- راجع ما تقدم رقم: 133.
291- لباب الآداب: 40
__________
(1) س: أبي جعدبة.
(2) عليه: زيادة من ط م.
(3) م: أوفدني زياد بن عبيد الله ... إلخ، ط س: زياد بن عبيد الله بن كعب، اللباب: عبيد بن كعب.
(4) اللباب: الخير.
(5) م: يستجم.
(6) م: رأيته.
(7) انظر ما تقدم رقم: 278، وفي اللباب: إن البذل رضيع العدل.

الصفحة 90