كتاب مختصر اختلاف العلماء (اسم الجزء: 5)

الْكتاب إِذا كتبُوا شهاداتهم فِيهِ وَإِن لم يعلمُوا مَا فِيهِ وَإِن هم تركُوا الْكتاب عِنْد صَاحبه ثمَّ مَاتَ لم أر لَهُم أَن يشْهدُوا على مَا فِيهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو قرئَ الْكتاب على الْمُوصي ثمَّ أقرّ الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَنه قد فهمه وأشهدهم عَلَيْهِ جَازَ وَجَائِز ان يكون أقرّ لَهُم بذلك وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة بِخِلَاف ذَلِك فَالْقِيَاس على ذَلِك أَن تصح الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ وَإِن لم يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ إِذا أقرّ عِنْدهم بذلك
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن فِي يَده شَيْء مغطى فأشهدهم أَن مَا فِيهِ لفُلَان أَن ذَلِك جَائِز ويسعهم أَن يشْهدُوا بِهِ عِنْد القَاضِي لِأَنَّهُ أشهدهم على مَاله حَقِيقَة مَعْلُومَة فِي نَفسه وَكَذَلِكَ إشهادهم على مَا فِي الْكتاب الْمَخْتُوم
وَقد روى مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ حَدثنِي الْحَضْرَمِيّ عَن أبي السوار عَن جُنْدُب بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رهطا عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَة أَو عُبَيْدَة بن الْحَارِث فَلَمَّا مضى لينطلق بَكَى صبَابَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَجَلَسَ وَبعث عبد الله بن جحش وَكتب لَهُ كتابا وَأمره أَن لَا يقْرَأ الْكتاب حَتَّى يبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا وَلَا تكرهن أحدا من أَصْحَابك على الْمسير فَلَمَّا بلغ الْمَكَان قَرَأَ الْكتاب واسترجع وَقَالَ سمعا وَطَاعَة لله وَلِرَسُولِهِ قَالَ فَرجع رجلَانِ وَمضى بَقِيَّتهمْ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْكتاب لَازِما لعبد الله بن جحش مَعَ جَهله بِمَا فِيهِ فَكَذَلِك الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فِي مثله وَإِن لم يقرأه

الصفحة 64