كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{وَحده كَفرْتُمْ وَإِن يُشْرك بِهِ تؤمنوا فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير (12) هُوَ الَّذِي يريكم آيَاته وَينزل لكم من السَّمَاء رزقا وَمَا يتَذَكَّر إِلَّا من ينيب (13) فَادعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين وَلَو كره الْكَافِرُونَ (14) رفيع الدَّرَجَات ذُو الْعَرْش يلقِي الرّوح من أمره على من} ومكثكم فِيهَا كَانَ بِأَنَّهُ إِذا دعى الله وَحده كَفرْتُمْ.
{وَإِن يُشْرك بِهِ تؤمنوا} أَي: يُشْرك بِاللَّه تؤمنوا، أَي: تصدقوا بالشرك.
وَقَوله: {فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير} ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يريكم آيَاته} أَي: عبره ودلائله.
وَقَوله: {وَينزل لكم من السَّمَاء رزقا} أَي: الْمَطَر؛ لِأَنَّهُ سَبَب الأرزاق.
وَقَوله: {وَمَا يتَذَكَّر إِلَّا من ينيب} أَي: وَمَا يتعظ إِلَّا من يرجع إِلَى الله فِي جَمِيع أُمُوره.
قَوْله تَعَالَى: {فَادعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} أَي: مُخلصين لَهُ التَّوْحِيد. وَمَعْنَاهُ: وحدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا.
وَقَوله: {وَلَو كره الْكَافِرُونَ} أَي: سخط الْكَافِرُونَ، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} وَقد بَينا هَذَا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: {رفيع الدَّرَجَات ذُو الْعَرْش} قَالَ ابْن عَبَّاس بِرِوَايَة عَطاء: رَافع السَّمَوَات، سَمَاء فَوق سَمَاء. وَعَن بَعضهم: رَافع دَرَجَات الْأَنْبِيَاء والأولياء. وَقَالَ بَعضهم: رفيع الدَّرَجَات أَي: عَظِيم الصِّفَات، وَهُوَ رَاجع إِلَى الله تَعَالَى، قَالَه مقَاتل. قَالَ: الله فَوق كل شَيْء، وَلَيْسَ فَوْقه شَيْء.
وَقَوله: {ذُو الْعَرْش} أَي: لَهُ الْعَرْش خلقا وملكا.
وَقَوله: {يلقِي الرّوح من أمره} قَالَ مُجَاهِد: هُوَ الْوَحْي، وَسمي روحا؛ لِأَنَّهُ يحيا بِهِ الْخلق. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ النُّبُوَّة. وَقيل: هُوَ جِبْرِيل يُرْسِلهُ على من يَشَاء من أنبيائه

الصفحة 10