كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{يَشَاء من عباده لينذر يَوْم التلاق (15) يَوْم هم بارزون لَا يخفى على الله مِنْهُم شَيْء لمن الْملك الْيَوْم لله الْوَاحِد القهار (16) الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت لَا ظلم} وروح الْإِنْسَان مَا يحيا بِهِ الْإِنْسَان.
وَقَوله: {من أمره} أَي: بأَمْره.
وَقَوله: {على من يَشَاء من عباده} من النَّبِيين وَالرسل.
وَقَوله: {لينذر يَوْم التلاق} الْمَعْرُوف بِالْيَاءِ، وَقُرِئَ بِالتَّاءِ.
بِالْيَاءِ أَي: لينذر الله، وَقيل: لينذر الْوَحْي. وَأما بِالتَّاءِ فَالْمُرَاد بِهِ الرَّسُول.
وَقَوله: {يَوْم التلاق} قَالَ قَتَادَة: يلتقي فِيهِ أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض، الْأَولونَ وَالْآخرُونَ. وَعَن بَعضهم: يلتقي فِيهِ الْخلق والخالق. وَقَالَ مَيْمُون بن مهْرَان: يلتقي فِيهِ الظَّالِم والمظلوم. وَعَن ابْن عَبَّاس: يلتقي فِيهِ آدم وَآخر ولد من أَوْلَاده.
وَقَوله: {يَوْم هم بارزون} أَي: بادون ظاهرون وَلَا يتسترون بِشَيْء من جبل وَغَيره.
قَوْله تَعَالَى: {لَا يخفى على الله مِنْهُم شَيْء} أَي: من أَعْمَالهم.
وَقَوله: {لمن الْملك الْيَوْم} قَالَ ابْن عَبَّاس: يَقُول الله تَعَالَى هَذَا حِين تفنى الْخَلَائق، وَلَا يكون أحد يجِيبه، فيجيب نَفسه [بِنَفسِهِ] وَيَقُول: لله الْوَاحِد القهار. وعَلى هَذَا عَامَّة الْمُفَسّرين. وَقد ثَبت بِرِوَايَة ابْن عمر وَغَيره أَن النَّبِي قَالَ: " يقبض الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَهُزهُنَّ وَيَقُول: أَنا الْملك، أَيْن مُلُوك الأَرْض "؟
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن الله تَعَالَى يبْعَث الْخَلَائق ويحشرهم، ثمَّ يَقُول لَهُم: لمن الْملك الْيَوْم؟ فيجيبون: لله [الْوَاحِد] القهار.
وَقيل: إِنَّهُم لَا يقدرُونَ على الْجَواب هَيْبَة، فيجيب الله تَعَالَى نَفسه. وَالْقَوْل الأول

الصفحة 11