كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{الْيَوْم إِن الله سريع الْحساب (17) وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر} هُوَ الْمَشْهُور.
قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت} أَي: المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
قَوْله: {لَا ظلم الْيَوْم} أَي: أَنه تَعَالَى يفعل مَا يفعل بِالْعَدْلِ لَا بالظلم.
وَقَوله: {أَن الله سريع الْحساب} فِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى يحاسبهم فِي مِقْدَار نصف يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا. وَعَن الضَّحَّاك: مَا بَين صَلَاتَيْنِ. وَقيل: بِقدر شربة مَاء.
وَقد ثَبت أَن النَّبِي [قَالَ] : " أول مَا يقْضِي الله تَعَالَى بَين الْخلق فِي الدِّمَاء ".
وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: " أَنا الْملك الديَّان، لَا يَنْبَغِي لأحد من أهل الْجنَّة أَن يدْخل الْجنَّة، وَلَا لأحد من أهل النَّار أَن يدْخل النَّار، وَعَلِيهِ مظْلمَة لأحد إِلَّا وأقتصه مِنْهُ ".
قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة} أَي: يَوْم الْقِيَامَة. وَسميت آزفة لقربها، كَأَنَّهَا قريبَة عِنْد الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ النَّاس يستبعدونها. وَقيل: هِيَ قريبَة لِأَنَّهَا كائنة لَا محَالة، وكل كَائِن قريب.
وَقَوله: {إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر} وَعَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ: تضيق للنَّاس أَرض الْقِيَامَة، حَتَّى لَا يكون لأحد إِلَّا مَوضِع قدمه، ثمَّ يضيق لَهُم أَيْضا حَتَّى يوضع الْقدَم على الْقدَم، ثمَّ يَبْكُونَ حَتَّى تنفد دموعهم، ثمَّ يَبْكُونَ الدَّم حَتَّى ينْفد، ثمَّ تشخص قُلُوبهم إِلَى حَنَاجِرهمْ، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة إِذْ الْقُلُوب لَدَى

الصفحة 12