كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{كاظمين مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع (18) يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور (19) وَالله يقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذين يدعونَ من دونه لَا يقضون بِشَيْء إِن الله هُوَ} الْحَنَاجِر [كاظمين] ) قَالَ قَتَادَة: ترْتَفع الْقُلُوب من الصُّدُور إِلَى الحلوق، وتلتصق بهَا من الْخَوْف والفزع، فَلَا هِيَ ترجع من أماكنها، وَلَا هِيَ تخرج.
وَقَوله: {كاظمين} الكاظم هُوَ الممسك على قلبه بِمَا فِيهِ. وَقيل: مغمومين مكروبين. وَيُقَال: بَاكِينَ. وَمن هَذَا كظم الغيظ إِذا أمْسكهُ (وصبر) عَلَيْهِ.
وَقَوله: {وَمَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع} الْحَمِيم: الْقَرِيب. وَالشَّفِيع: الَّذِي يَدْعُو فيجاب. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: استكثروا من أصدقاء الْمُؤمنِينَ فَإِن لَهُم شَفَاعَة عِنْد الله تَعَالَى.
وَقَوله: {يطاع} أَي: يُجَاب.
وَقَوله: {يعلم خَائِنَة الْأَعْين. أَي: خِيَانَة الْأَعْين وخيانة الْأَعْين مسارعة النّظر إِلَى مَا لَا يحل.
قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الرجل يكون بَين الرِّجَال، فتمر بهم امْرَأَة فَينْظر إِلَيْهَا، فَإِذا نظر إِلَيْهِ أَصْحَابه غض بَصَره. قَالَ السدى: خَائِنَة الْأَعْين هُوَ الرص بِالْعينِ.
وَقَوله: {وَمَا تخفي الصُّدُور} هُوَ شَهْوَة الْقلب. وَقيل: هُوَ أَنه لَو قدر عَلَيْهَا هَل يزنى أَو لَا؟
وَعَن السدى قَالَ: هُوَ وَسْوَسَة الْقلب. وَعَن بَعضهم قَالَ (خِيَانَة الْعين) أَن يَقُول: رَأَيْت وَلم ير، وخيانة الْقلب هُوَ أَن يَقُول: علمت وَلم يعلم.
وَقَوله: {وَالله يقْضِي بِالْحَقِّ} أَي: بِالْعَدْلِ.
وَقَوله: {وَالَّذين يدعونَ من دونه} أَي: الْأَصْنَام وَمَا أشبههَا.

الصفحة 13