كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)
{وَا لله عِنْده أجر عَظِيم (15) فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا وَأَطيعُوا وأنفقوا خيرا} وَالْجهل. وَعَن عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: من اتخذ أَهلا ومالا وَولدا كَانَ للدنيا عبدا.
وروى عبد الله بن بُرَيْدَة [عَن أَبِيه] " أَن النَّبِي كَانَ يخْطب فَدخل الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثرَانِ فِي ذَلِك، فَنزل النَّبِي عَن الْمِنْبَر وحملهما وَوَضعهمَا بَين يَدَيْهِ، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} ثمَّ قَالَ: رَأَيْت هذَيْن الصَّبِيَّيْنِ يَعْثرَانِ فِي قميصهما، فَمَا ملكت نَفسِي حَتَّى نزلت وحملتهما ".
وأنشدوا فِي لفظ الْفِتْنَة لبَعْضهِم:
(قد فتن النَّاس فِي دينهم ... وخلى ابْن عُثْمَان شرا طَويلا)
يَعْنِي: قد ابْتُلِيَ النَّاس.
وَقَوله: {وَالله عِنْده أجر عَظِيم} أَي: كثير.
قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} قَالَ ربيع بن أنس: بجهدكم وطاقتكم. وروى معمر، عَن قَتَادَة أَن هَذِه الْآيَة نسخت قَوْله تَعَالَى: {اتَّقوا الله حق تُقَاته} وَمثل هَذَا عَن جمَاعَة من التَّابِعين. وَقَالَ جمَاعَة من أهل الْعلم: الأولى أَن يُقَال: هَذِه الْآيَة رخصَة وَلَيْسَت بناسخة. وَذكر الْقفال أَن هَذِه الْآيَة مبينَة لقَوْله تَعَالَى: {اتَّقوا الله حق تُقَاته} لِأَن الله تَعَالَى لَا يُكَلف نفسا إِلَّا وسعهَا. وَذكر مثل ذَلِك على ابْن عِيسَى وَغَيره.
الصفحة 454