كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 5)

{آتاها سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا (7) وكأين من قَرْيَة عَتَتْ عَن أَمر رَبهَا وَرُسُله فحاسبناها حسابا شَدِيدا وعذبناها عذَابا نكرا (8) فذاقت وبال أمرهَا وَكَانَ عَاقِبَة أمرهَا خسرا (9) أعد الله لَهُم عذَابا شَدِيدا فَاتَّقُوا الله يَا أولي الْأَلْبَاب الَّذين آمنُوا قد أنزل الله إِلَيْكُم ذكرا (10) رَسُولا يَتْلُوا عَلَيْكُم}
وَقَوله: {سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} أَي: بعد ضيق سَعَة، وَبعد فقر غنى. قَالَ أهل التَّفْسِير: أَرَادَ بِهِ أَصْحَاب رَسُول الله كَانُوا فِي ضيق، ثمَّ وسع الله عَلَيْهِم.
قَوْله تَعَالَى: {وكأين من قَرْيَة عَتَتْ عَن أَمر رَبهَا وَرُسُله} أَي: عتى أَهلهَا عَن أَمر رَبهَا، والعتو هُوَ الْمُبَالغَة فِي الْعِصْيَان. وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن الله تَعَالَى لم ينزل قَطْرَة من السَّمَاء إِلَّا بِوَزْن مَعْلُوم إِلَّا فِي زمَان نوح، وَلَا يُرْسل ريحًا إِلَّا بكيل مَعْلُوم إِلَّا فِي زمَان عَاد، فَإِنَّهَا عَتَتْ على خزانها.
وَقَوله: {فحاسبناها حسابا شَدِيدا} الْحساب الشَّديد هُوَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عَفْو وَلَا تجَاوز.
وَقَوله: {وعذبناها عذَابا نكرا} أَي: يُنكر، وَالْمُنكر: الفظيع.
قَوْله تَعَالَى: {فذاقت وبال أمرهَا} أَي: عَاقِبَة أمرهَا من الْمَكْرُوه، وَيُقَال: طَعَام وبيل أَي: مَكْرُوه، وَهُوَ ضد الهنيء من الطَّعَام. وَيَقُول: الوبيل من الطَّعَام: هُوَ الَّذِي تُؤدِّي عاقبته إِلَى الْهَلَاك.
وَقَوله: {وَكَانَ عَاقِبَة أمرهَا خسرا} أَي: هَلَاكًا، وَقيل: نُقْصَانا.
وَقَوله تَعَالَى {أعد الله لَهُم عذَابا شَدِيدا} وَهُوَ النَّار.
وَقَوله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله يَا أولي الْأَلْبَاب} أَي: أولي الْعُقُول الَّذين آمنُوا، وَهَذَا يدل على أَن الْعقل إِنَّمَا ينفع مَعَ الْإِيمَان، وَأما بِدُونِ الْإِيمَان لَا ينفع.

الصفحة 467